مشيرب قلب الدوحة.. وجهة مبتكرة تمزج بين الأصالة والحداثة لجماهير المونديال

وكالة الأنباء القطرية
تبرز "مشيرب قلب الدوحة" كمشروع ثقافي اقتصادي استثنائي، وفكرة مبتكرة في قطر وُجِدت لإحياء وسط العاصمة الدوحة القديم بأسلوب يمزج بين مفاهيم الهندسة المعمارية التي كانت سائدة في قطر قديماً، وبين الحداثة التي باتت تميز التطور العمراني الذي تشهده البلاد مع مراعاة توفر مقومات الاستدامة.
وساهم هذا المشروع في إحياء وتجديد المنطقة التجارية القديمة في الدوحة بأسلوب معماري حديث وتحويلها إلى منطقة متطورة غنية بالمشاهد الثقافية، لتجسد "مشيرب قلب الدوحة" ميلاداً جديداً لوسط مدينة الدوحة، فبجانب حفاظها على التراث المعماري التقليدي، فإنها تعتمد أحدث مبادئ التقدم والابتكار لتعكس الإرث الحقيقي لدولة قطر.
ونجحت المنطقة الذكية المستدامة في بث الحيوية في مركز المدينة لتجذب إليها السكان للعيش والعمل والتسوق وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، ومن ثم تتحول إلى واحدة من الوجهات السياحية المفضلة في قطر بفضل ما تضمه من مرافق متطورة ومتنوعة.
وستكون مشيرب قلب الدوحة وجهة رائعة أمام جمهور بطولة كأس العالم قطر 2022، حيث سيجد فيها أجواء استثنائية للترفيه والتسوق والتعرف على العمارة القطرية القديمة وتطورها في العصر الحديث، فضلاً عن استلهام تجارب إبداعية وثقافية مختلفة في قطر.
وتضم براحة مشيرب ما يقارب الـ 100 بناية منها الثقافي والتجاري والسكني إلى جانب الأماكن الترفيهية وأربعة فنادق، فضلاً عن متاجر البيع بالتجزئة، ولا تتوقف الرحلة إلى منطقة مشيرب قلب الدوحة عند التجول بين البنايات بهندستها المختلفة وعمارتها المتميزة، بل تعتبر "متاحف مشيرب" أهم معلم تراثي وحضاري بارز في هذه المنطقة، حيث تشمل 4 متاحف تحتفي بتاريخ دولة قطر العريق من خلال أربعة بيوت تراثية أعيد ترميمها وتحويلها لمتاحف ذات مستوى عالمي وهي: بيت بن جلمود، بيت الشركة، بيت محمد بن جاسم، وبيت الرضواني، وقد استخدمت في تشييدها مواد اختيرت بعناية وذلك للحفاظ على روح المباني الأصلية وطرائق تشييدها ليجد الزائر في كل من البيوت الأربعة نفسه أمام عدد من المشاهد تستعرض نمط العيش التقليدي وحياة الناس قديماً وما كان يربطهم من علاقات وحسن جوار.
ويحمل "بيت بن جلمود" رسالة توعية لمحاربة مظاهر الاسترقاق على مستوى العالم، حيث يستعرض البيت قضية الرِقّ والمساهمات المتعددة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي قدّمها الرقيق في إنماء الحضارات الإنسانية.
ومن خلال أروقة هذا البيت يستكشف الزائر كيفية انتشار مظاهر الاسترقاق في الحضارات عبر آلاف السنين، كما يتعرف على الدور الذي لعبه الإسلام وتأثيره على منظومة الرِقّ وحثه على تحرير الرقيق، كما يقدّم بيت بن جلمود فرصة للزوار لإبداء التزامهم الشخصي بمكافحة الاتجار بالبشر بمختلف تجلياته.
أما "بيت محمد بن جاسم" الذي تم تشييده من قبل الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني رحمه الله، وهو ابن مؤسس دولة قطر الحديثة، فيتيح للزائر التعايش مع قصص من الماضي والحاضر، حيث يأخذ زائريه في رحلة تأمل بين ماضي الدوحة وعراقة الإرث المعماري الأصيل، كما يتناول مبادئ الاستدامة التي يتمحور مشروع "مشيرب قلب الدوحة" حول تحقيقها، ويضم البيت جزءاً من المقتنيات الخاصة بمشروع "صدى الذكريات" والتي تم الكشف عنها أثناء القيام بأعمال التنقيب في الموقع، وهو يسرد قصة ولادة قلب الدوحة التاريخي.
فيما يروى "بيت الشركة"، الذي كان مقراً رئيسياً لأول شركة نفط عملت في قطر، قصص الرواد القطريين الذين عملوا بكد ونشاط في حقول النفط قديماً ووهبوا حياتهم من أجل بناء وطنهم وتأمين لقمة العيش لأبنائهم وأسرهم، ورغم التحديات استمروا في مساعيهم وإصرارهم .
كما يكشف هذا البيت ظروف حياة العمل اليومية القاسية التي كان يمر بها أولئك الرواد الذين عملوا بجد تحت أشعة الشمس الحارقة في الوقت الذي كانت وجوههم ترتسم عليها ابتسامة قهرت عناء ومشقة الحياة، ويضم البيت بعضاً من المقتنيات والمعدات التي كانت تُستخدم في الشركة.
بينما يستعرض بيت الرضواني التحول الذي طرأ على حياة العائلة القطرية مع اكتشاف النفط وتوصيل الكهرباء في دولة قطر، كما يرسم في الأذهان صور الترابط الأسري والاجتماعي التي كانت تتميز بها العوائل فيما بينها، وكيفية قضاء الأوقات بين أفراد العائلة قبل ظهور وسائل الرفاهية الحديثة، وقد تم بناء بيت الرضواني في عشرينيات القرن الماضي، في موقع يفصل بين أقدم أحياء مدينة الدوحة، وهما حي الجسرة وحي مشيرب.
ومن بين المعالم البارزة في منطقة "مشيرب قلب الدوحة"، حي الدوحة للتصميم الذي يعد مقر التصميم في المنطقة ومركزا للابتكار والإبداع في قطر، والذي يساهم بدوره في إثراء المشهد الفني والثقافي في البلاد.
ويشكل الحي قاعدة مهمة للمصممين لإطلاق إبداعاتهم بطريقة مبتكرة، ويعد مكوناً رئيسياً في النسيج الثقافي في الدوحة ويساهم في تعزيز مكانتها بأن تصبح مركز التصميم الإقليمي من خلال التعاون مع علامات تجارية مرموقة ومصممين من مختلف أرجاء العالم وكذلك الترويج للمصممين المحليين، حيث يستقطب أهم المصممين من المنطقة للتواصل والتفاعل مع أقرانهم العالميين بهدف الارتقاء بهذا المجال إلى أعلى المستويات، ويحتوي هذا الحي على صالات عرض ومعارض، ومراكز إبداعية أهمها / M7 / مركز قطر للابتكار وريادة الأعمال في مجالات التصميم، والأزياء، والتكنولوجيا .
وتتميز منطقة "مشيرب قلب الدوحة" بكون مبانيها ذكية ومستدامة، حيث حصلت على أعلى عدد من شهادات LEED في الفئتين الذهبية والبلاتينية للريادة في التصميم المراعي لاستهلاك الطاقة ومتطلبات البيئة، لتشكل أكبر تجمع لمبانٍ حصلت على شهادات LEED للمباني الخضراء، وذلك بمجموع 32 شهادة بلاتينية و42 شهادة ذهبية، وبهذا تتمتع المنطقة بالكامل بأعلى معايير الاستدامة لتكون أول مشروع لتطوير وسط مدينة مستدام في العالم.
وتحتضن منطقة مشيرب قلب الدوحة قبيل وخلال كأس العالم قطر 2022 قائمة من الفعاليات لتوفير تجربة استثنائية للمجتمع والزوار من حول العالم، ستساهم في تعريف العالم على جوهر ثقافتنا وتراثنا القطري.
وتقام الفعاليات في ثلاث مناطق رئيسية في منطقة مشيرب قلب الدوحة هي منطقة البراحة والحي التراثي ومنطقة السكة، بينما تقدم العروض الضوئية في مختلف الأحياء لتوفر للجماهير والإعلاميين من مختلف أرجاء العالم فرصة الاستمتاع بالبطولة والاحتفال بكرة القدم.
فالمنطقة ذات الموقع الاستراتيجي قرب مطار حمد الدولي والمجاورة لسوق واقف الوجهة السياحية والتراثية، تتبنى أحدث نظم التكنولوجيا في جميع مرافقها وبنيتها التحتية وقد بدأت أعمال التشييد فيه عام 2010 وتم إنجاز المرحلة الأخيرة منها في 2021، وتشتمل على 800 وحدة سكنية، و193 ألف متر مربع مساحات تجارية، و300 متجر تجزئة، و4 فنادق و4 متاحف و3 مساجد، ومدرسة، وأكثر من 10 آلاف متر مربع مواقف للسيارات، وفيها إجمالاً أكثر من 100 مبنى يتراوح ارتفاعها بين 3 طوابق و30 طابقاً.
ويمكن القول بأن مشيرب قلب الدولة والقريبة من الكورنيش بمناظره الخلابة أيضاً، أصبحت نموذجاً ساطعاً يعزز روح الابتكار والارتقاء بنمط الحياة التي تسعى دولة قطر لتحقيقه، وضمان استمرار تطوّر التراث والثقافة القطريّة لمواكبة النموّ الذي تشهده دولة قطر.