search

    توماس دولي: قطر موقع ممتاز لاستضافة كأس العالم 2022

    اللجنة العليا للمشاريع والإرث

    تكتسب كرة القدم شعبية كبيرة في الولايات المتحدة، لكن رياضات أخرى على غرار البيسبول وكرة القدم الأمريكية لا تزال ذات شعبية أكبر. في الفيليبين أيضاً، ما تزال كرة القدم تبحث عن مكان لها بين الرياضات الأكثر شعبية ككرة السلة والملاكمة إلى قمتها قبل كرة القدم. يهدف توماس دولي، قائد منتخب الولايات المتحدة في بطولة كأس العالم لكرة القدم فرنسا 1998، إلى تغيير الوضع من خلال تواجده على رأس المنتخب الفيليبيني.
    حسب دولي، فإن الاهتمام بكرة القدم يختمر منذ فترة طويلة، برغم ابتعاد أرقامها عن البيسبول مثلاً إلا أنها تعُد إحدى الرياضات الصاعدة.
    وفي مقابلة خاصة قال دولي لموقع www.sc.qa في مقابلة طويلة: "من السهل شرح ذلك. عندما قدمت كان هناك قاعدة لكرة القدم، في عام 1992 عندما جئت كان هناك نحو 20 مليون طفل يلعبون كرة القدم، هذه قاعدة يمكن البناء عليها".
    دولي اللاعب
    ولد دولي لأب أمريكي وأم المانية، وانتقل إلى الولايات المتحدة بعد أن احترف اللعبة في ألمانيا. صديق لدولي عرّفه على صديقته، التي كانت في ألمانيا جزءاً من مجموعة مراقبة من قبل الاتحاد الأمريكي لكرة القدم. عندما لاحظت أن اسمه لا يبدو ألمانيا، قيل لها أن والده أمريكي. بعد اقتراح تمثيله منتخب الولايات المتحدة قبل بالأمر. بعدها بسنتين، شارك في كأس العالم لكرة القدم 1994 في فريق المدرب الصربي الأسطوري  بورا ميلوتينوفيتش.
    عندما بدأت الدورة عانى دولي ورفاقه في المباراة الأولى ضد سويسرا على ملعب سيلفردوم في بونتياك ميشيغان المهجور راهنا، يتذكر دولي أن الطقس كان شديد الحرارة على غرار اللعب في الساونا، أقرّ دولي أنه لولا ميلوتينوفيتش لكانت المهمة أصعب بكثير.
    مع بعض المحترفين في التشكيلة خارج البلاد، حمل دولي في 1998 شارة القيادة لعدد كبير من اللاعبين القادمين من الجامعات حيث يطبّق نظام نصف احترافي. قال دولي: "ثلاثون بالمئة فقط كانت لهم خلفية احترافية، على غرار إرني ستيوارت في هولندا، تاب راموس في هولندا وجون هاركس في إنجلترا، لكن كان لدينا عدة لاعبين قادمين من الجامعات". خلافاً لستيوارت، راموس وهاركس، قرر دولي ترك ألمانيا واللعب في الولايات المتحدة لبعض الوقت قبل كأس العالم، وهكذا توطدت علاقته بميلوتينوفيتش. يقول دولي عن مدربه القديم "كان آنذاك أفضل مدرب يمكن أن يحصل عليه المنتخب. الوقت الذي اأمضاه في تطوير اللاعبين الشبان القادمين من الجامعات كان رائعاً".
    قبل يوم على مباراة سويسرا الافتتاحية في كأس العالم، يتذكر دولي كيف أخذ ميلوتينوفيتش الفريق بأكمله إلى أرض ملعب سيلفردوم غير المضاء وطلب منهم الاجتماع. فجأة تمت إضاءة أنوار الملعب، وظهر فيديو على الشاشة يقول عنه دولي: "ألقى  بورا خطاباً تحفيزياً، ثم قال لنا أن الأفضلية لنا لأن السويسريين لا يحبون الحرارة العالية، ثم قلت لنفسي: وُلدت بالقرب من سويسرا وأنا أيضاً لا أحب الحرارة العالية!".
    يتذكّر بورا ميلوتينوفيتش، الذي اعتزل التدريب منذ ذاك الوقت، علاقته بدولي، إذ نقله من مركز قلب الدفاع إلى لاعب وسط دفاعي. قال المدرب الصربي المتنقل، المعروف عنه قيادة منتخبات مغمورة إلى الدور الثاني من كأس العالم أربع مرات متتالية، إن "خبرة دولي في البوندسليجا، بالإضافة إلى شخصيته جعلته عنصراً هاماً في الفريق".
    مباراة الولايات المتحدة التالية في كأس العالم 1994 كانت ضد كولومبيا، التي كانت قريبة من التأهل في النسخة السابقة في إيطاليا. لم يكن المضيف الذي شارك في 1990، قد خاض غمار كأس العالم منذ 1954، لكنه كان أفضل المرشحين. كانت المباراة منعطفاً هاماً لكرة القدم الأمريكية. يقول دولي إن "افضل ذكرى في مسيرتي الكروية كانت الفوز على كولومبيا. لأنها المباراة التي جعلت الأميركيين يشاهدون كرة القدم. من الرائع كيف حصل هذا التغيير عندما كنا نلعب كرة مثيرة".
    انتهى مشوار الولايات المتحدة بخسارة بفارقٍ ضئيل أمام البرازيل التي أحرزت اللقب لاحقاً 1-0 على ملعب ستانفورد في سان فرانسيسكو، لكن بلوغ الدور الثاني شكل نجاحاً كبيراً للمضيف. مثل دولي بلاده مجدداً في النسخة التالية في فرنسا 1998.
    المباراة
    بعد اكثر من عقدين، يبحث دولي عن بلوغ كأس العالم مرة ثالثة، لكن هذه المرة كمدرب للفيليبين. منذ أكثر من سنة، يحاول الأمريكي خلق ثورة في الكرة المحلية باعتماد فلسفة يريد أن يتبعها منتخب "ازكال".
    يميل اللاعبون عادة إلى اعتماد رقم على ظهرهم عند اللعب دولياً، وبالنسبة لدولي كان الرقم 5 رمزاً لمسيرته. قال إن "قميصي حملت الرقم 5 بسبب أهم 5 أمور في حياتي بنيتها بنفسي: الأول أن يكون لديك هدف في هذه الحياة، الثاني أن يكون لديك خطة، الثالث أن تنفذ تلك الخطة وتقوم بما هو مكتوب فيها، الرابع أن تثق بإمكانية تحقيق كل ما هو مكتوب في خطتك، الخامس أن تحلم وتملأ أحلامك بالتصورات". مع هذه الأعمدة الخمسة، ينوي دولي قيادة الفيليبين إلى حدود لم تبلغها الدولة في كرة القدم، وبالفعل قد بدأ الحلم يأخذ شكله الآسيوي.
    بعد فوزين من مباراتين في التصفيات الآسيوية لكأس العالم لكرة القدم 2018 في قارة آسيا، نجح دولي في تخطي حاجزي البحرين واليمن ليتربع على صدارة مجموعته بعد جولتين.
    في ظل الوضع غير الآمن في اليمن، أقيمت المباراة الأخيرة في الدوحة، حيث فاز إزكال 2-0 أمام عدد كبير من الجماهير من الجالية الفيليبينية في الدوحة. 
    قالت جريزا التي تعيش مع عائلتها في قطر منذ 10 سنوات: "نحن هنا بصفتنا مع فريق بينوي لكرة القدم. بدأنا عام 2010 واعترف بنا الاتحاد القطري للعبة في 2012. يدعموننا من خلال منحنا أطقم القمصان خارج وداخل ملعبنا، التسجيل المجاني وملاعب مجانية للتدرب عليها. نحب حقاً العيش هنا في الدوحة وكل مرة يأتي فيها المنتخب سنكون جاهزين لتشجيعه".
    لويجي مشجع آخر للمنتخب الفيليبيني قال إن قطر لعبت دوراً مهماً في تزايد شعبية كرة القدم في الوطن، وقال انه يتطلع لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر: "في الفيليبين لم نكن نعلم الكثير عن كرة القدم، بل عن كرة السلة فقط، لكن بفضل نادينا هنا زادت شعبية هذه اللعبة  في الوطن. نحن سعداء أيضاً باستضافة كأس العالم الى آسيا في 2022".
    انضم الجمهور اليمني إلى نظيره الفيليبيني في خلق أجواء الحماسة من المدرج الشرقي على ملعب نادي قطر الرياضي. أحد مشجعيهم صالح كان ممتناً لقطر لاستضافتها لهذه المباراة في الدوحة: "نشكر أولاً أشقاءنا القطريين للسماح لنا بفرصة المنافسة للتأهل إلى كأس العالم. بالطبع، يمر اليمن في وقت صعب الآن، لكننا نأمل أن نكون في الملاعب في قطر 2022. أعتقد أنه بالنسبة لليمنيين فان كأس العالم 2018 ليست بأهمية كأس العالم 2022 في قطر. أنا هنا منذ اكثر من 20 سنة، وكعربي يمكنني القول أن كأس العالم قادمة إلى بلدي".
    سجل هدف الافتتاح للفيليبين في مرمى اليمن ميساغ باهادوران وهو جناح من أصل إيراني. سجل مرتين في غضون خمسة أيام في المباراة السابقة ضد البحرين (2-1). مع ذلك، لم يكن باهادوران دائماً في خطط دولي. الإصابة والمستوى العادي في التمارين وضعتاه على مقاعد البدلاء وخارج المباريات الهامة. لكن العلاقة بين اللاعب ودولي تشرح نظام أعمدة دولي الخماسي كمفتاح للنجاح.
    حتى بورا ميلوتينوفيتش أشاد بدولي في هذا الاطار: "شخصية الرجل داخل وخارج الملعب تجعله قدوة للاعبين الشبان". لكن كلمات باهادوران تتحدث عن دولي الإنسان والمدرب.
    قال باهادوران وهو طبيب أسنان لم يمارس مهنته لنجاحه بعالم كرة القدم: "هو مثل شقيقنا الكبير ويستمع إلينا. حتى عندما لا يختارك في التشكيلة الأساسية يشرح لك السبب. إحدى صفاته النوعية أنه يساوي بين الجميع أكنت أساسياً أم بديلا. كلاعب سابق يفهم تماماً ماذا نمرّ به ويمكنك الحديث معه بأريحية. لقد خلق جواً جميلاً من التنافس".
    بعد تسجيله هدفين في مباراتين، أضاف باهادوران أن "كرة القدم قربت شعوب إيران والفيليبين أكثر نتيجة الهدفين في مرمى البحرين واليمن. هناك شعبان من بلدين مختلفين يتشاركان الآن نفس القصص من خلال كرة القدم. يقول الجمهور الإيراني أنه يتذكرني عندما كنت طفلاً ألعب في طهران، وفي مانيلا يذكرون عندما مارست كرة الصالات في الجامعة".
    يملك دولي علاقة خاصة مع إيران أيضاً، وذلك عندما كان قائداً لمنتخب الولايات المتحدة في كأس العالم 1998 في فرنسا. لأسباب غير رياضية، جذبت مباراة الولايات المتحدة وإيران الكثير من الأنظار. انكسر الجليد بين البلدين لدى مواجهتهما في ليون. برغم الطابع السياسي للمباراة كان تفكير قائد الولايات المتحدة مختلفاً.
    أضاف دولي: "شخصياً، كان لدي علاقة مع إيرانيين في كاليفورنيا، وأعرف نوعيتهم، كما أن افضل صديق لي إيراني. لا علاقة لكرة القدم بالسياسة، ويجب أن تستخدم لتوحيد الشعوب. بعد المباراة تم اختياري عشوائياً لفحص المنشطات مع محمد خابكور وتبادلنا القمصان. بعد أربعة اشهر لعبنا مع بعض في نيويورك. كان رائعاً الالتقاء بهؤلاء الناس".
    الوصول إلى قطر
    في 2014، زار دولي قطر كمدرب للمنتخب الفلبيني الذي شارك  في مباراة خيرية بين الفيليبين ونيبال من أجل جمع تبرعات احتشد لها جمهور كبير وحطمت الأرقام القياسية لعدد المتفرجين. قاد إزكال إلى فوز كبير 3-0 وذهل بما رآه في زيارته الدوحة.
    قال: "هذه زيارتي الرابعة إلى الدوحة. وقد ازداد إعجابي في كل مرة زرتها. درست الهندسة المعمارية وكل المباني الجميلة رائعة. أدهشتني نظافة المدينة ومنشآت التدريب في الملاعب التي سنحت لنا فرصة اختبارها. أينما تذهب ترى أعمال البناء، وعندما يأتي موعد كأس العالم سيكون مكاناً رائعاً لاستضافة مثل هذا الحدث العالمي".
    وعن كأس العالم 1994 التي استضافتها الولايات المتحدة وتداعياتها على الرياضة، قال دولي: "لم يكن للولايات المتحدة جماهير حقيقية لكرة القدم، لكن وراء الكواليس كانت الجهود مستمرة. بعد استضافة كأس العالم بات لدينا جماهير أكبر في البلاد، والدوري المحلي يتحسن بشكل كبير".
    يعتقد المدرب الأمريكي والقائد السابق لمنتخب الولايات المتحدة أن قطر مكان جيد لتحقيق تطور إيجابي مماثل في 2022.