"أولمبياشتاديون" يجدد العهد مع الأضواء
وكالات
بعد ان اضطر لمعايشة خيبات "ابنه" هرتا برلين طيلة الموسم المنصرم وحرمانه حتى من احتضان عملاق المانيا بايرن ميونيخ في نهائي مسابقة الكأس، يجد الملعب الاولمبي في برلين نفسه محط انظار العالم باجمعه عندما يحتضن السبت نهائي مسابقة دوري ابطال اوروبا بين برشلونة الاسباني مع نجمه الارجنتيني ليونيل ميسي ويوفنتوس الايطالي.
اختبرت مدرجات "اولمبياشتاديون" موسما صعبا للغاية وحبست انفاس جمهوره حتى اليوم الاخير من الدوري بعد ان كان الفريق المحلي هرتا برلين مهددا بالعودة الى الدرجة الثانية قبل ان ينقذ نفسه في اللحظات الحاسمة.
وكان عشب الملعب "يمني" نفسه بتعويض خيبات هرتا برلين من خلال احتضان المباراة النهائية لمسابقة الكأس المحلية، لكن حتى هذه المباراة لم تكن على قدر الطموحات بعد ان غاب عنها بايرن ميونيخ ونجومه الكبار من محليين واجانب بسبب خروج النادي البافاري من الدور نصف النهائي على يد بوروسيا دورتموند الذي خسر النهائي امام فولفسبورغ (1-3).
لكن هذا الملعب الاسطوري سيعود السبت ليكون محط انظار العالم بأجمعه للمرة الاولى منذ عام 2006 وسيجدد الموعد مع لاعبين احتضنهم قبل 9 اعوام وشاهدهم يرفعون اغلى كأس على الاطلاق، وهم الحارس جانلويجي بوفون واندريا بيرلو واندريا بارزاغلي الذين قادوا ايطاليا الى الفوز على فرنسا بركلات الترجيح في نهائي مونديال المانيا 2006.
وستكون برلين المدينة الالمانية الرابعة التي تحتضن نهائي المسابقة القارية الام بعد ميونيخ (1980 و1993 و1997 و2012) وغيلسنكيرشن (2004) وشتوتغارت (1959 و1988). وهناك فريق اسباني بشخص ريال مدريد توج باللقب القاري في اول نهائي على الاراضي الالمانية وكان ذلك عام 1959 حين فاز على رينس الفرنسي 2-صفر في شتوتغارت.
وما هو مؤكد ان "اولمبياشتاديون" ليس ملعبا عاديا، ففي تاريخه الذي يمتد نحو 80 عاما، عاش هذا الملعب زمن الحرب، الالعاب الاولمبية، كأس العالم ونهائيات لا تعد ولا تحصى.
بدايات هذا الملعب تستحضر بعض اللحظات المظلمة من الماضي الالماني. لقد شيد وفقا لخطط المهندس المعماري فيرنر مارخ من اجل استضافة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية عام 1936.
احتشد حوالي 100 الف شخص في الملعب عندما افتتح للمرة الاولى، ما جعله احد اكبر الملاعب في العالم خلال ذلك الوقت. كان بناء الملعب دليلا على قوة الرايخ الثالث في المانيا، وكان واحدا من عدد قليل من المباني التي بناها الاشتراكيون الوطنيون ونجت من دمار الحرب.
مستوحى من الملاعب الرياضية القديمة، فان الشكل البيضاوي للملعب لا ينقطع سوى في مكان واحد عبر فوهة فوق بوابة الماراتون على الجانب الغربي، هدفها توفير رؤية واضحة لبرج الجرس. العديد من المنحوتات والنقوش تزين الممرات الى الملعب الذي يقع في الحديقة الاولمبية التي تضم ايضا الاستاد الاولمبي للسباحة. اليوم، لا يزال هذا الموقع الضخم مركزا شعبيا للاحداث الرياضية الكبرى، الحفلات الموسيقية في الهواء الطلق واكثر من ذلك بكثير.
خلال الحرب العالمية الثانية، خدمت سراديب الملعب كملجأ من الغارات الجوية ومرفق خفي للانتاج على حد سواء، ورغم ذلك لم يعان سوى من اضرار طفيفة فقط خلال تلك الفترة.
كان الملعب الاولمبي "منزل" هرتا برلين منذ تأسيس الدوري الالماني عام 1963. وفي ايلول/سبتمبر عام 1969، استضاف الملعب اكبر حشد في تاريخ الدوري الالماني وذلك بعدما احتشد 88075 مشجعا لمشاهدة مباراة هرتا ضد كولن.
لم يكن من مفاجئا ان يكون الملعب الاولمبي من الملاعب المضيفة لكأس العالم 1974. لكن هذا الملعب لعب دورا ثانويا في تلك البطولة اذا ما تمت مقارنته بالملعب الاولمبي في ميونيخ، اذ استضاف ثلاث مباريات فقط في دور المجموعات رغم انه كان اكبر ملاعب كأس العالم وقد تم استحداث سقف جزئي له.
ومع ذلك، حصلت كل من المانيا الغربية التي فازت على تشيلي 1-صفر، والمانيا الشرقية التي تعادلت مع تشيلي 1-1، على شرف اللعب في برلين خلال ذلك الصيف.
مر ما يقارب 30 عاما اخر قبل ان يتحول هذا الموقع "المعمر" الى جوهرة في كرة القدم المعاصرة. نفذت اعمال تجديد وتحديث واسعة في الفترة ما بين عامي 2000 و 2004 استعدادا لنهائيات المانيا 2006. هذه المرة، استضاف الملعب الاولمبي اربع مباريات في دور المجموعات ومباراة الدور ربع النهائي بين المانيا والأرجنتين (فاز بها البلد المضيف بركلات الترجيح 4-2 بعد تعادلهما 1-1)، والمباراة النهائية بين ايطاليا وفرنسا (فازت ايطاليا بركلات الترجيح 5-3 بعد تعادلهما 1-1 ايضا).
خلال اعمال الترميم، تم تقليص مساحة ارضية اللعب وتلوين مسار مضمار العاب القوى باللون الازرق ليعكس الوان هرتا برلين.
احد اهم التغييرات كان اضافة سقف يغطي جميع المقاعد البالغ عددها 74244. انفق حوالي 242 مليون يورو لجعله ما اصبح عليهه الان، ملعبا بيضاويا بطول 300 متر وعرض 230 متر، بامكانه ان يستوعب 74500 متفرج.
ان الواجهة والمدخل الرئيسي للملعب، بوابة الماراثون، صنفا معلمين اثرين والاثار ولم يتم المس بهما. منح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الملعب الاولمبي تصنيف ملعب من خمس نجوم نتيجة التعديلات التي ادخلت عليه.
خاض المنتخب الوطني الالماني اكثر من 30 مباراة دولية على الملعب الاولمبي، بينها التعادل العالق في الذاكرة في تصفيات كأس العالم في تشرين الاول/اكتوبر 2012 حين حولت السويد تخلفها امام المانيا صفر-4 الى تعادل 4-4 في نهاية المباراة.
قصص الملعب الاولمبي لا تقتصر على كرة القدم الدولية. فمنذ عام 1985، اقيمت المباراة النهائية لكأس المانيا على هذا الملعب، وفريق برلين ثاندر الذي كان يشارك في البطولة الاوروبية لكرة القدم الاميركية، لعب مبارياته المقررة على ارضه في هذا الملعب لعدة سنوات. وفي عام 2009، احتضن هذا الملعب بطولة العالم لالعاب القوى.
وها هو الان يتحضر لاحتضان برشلونة ونجومه الرائعين ميسي ولويس سواريز ونيمار ويوفنتوس مع حارسه وقائده بوفون في مباراة تاريخية يسعى من خلالها الاول لان يصبح اول فريق يتوج بالثلاثية مرتين والثاني للدخول في نادي الاندية القليلة التي احرزت الثلاثية في تاريخها.
والملفت ان الملعب الاولمبي سيحتضن السبت ممثلين عن 12 دولة من ثلاث قارات نظرا الى تعدد جنسية اللاعبين الذين يدافعون عن الوان طرفي المباراة النهائية حيث ستكون الغالبية للايطاليين الممثلين بـ14 لاعبا مقابل 13 لاسبانيا و5 للبرازيل و4 للارجنتين و2 للاوروغواي و1 لبلجيكا والسنغال وسويسرا اضافة الى المانيا التي ستكون ممثلة بحارس برشلونة مارك-اندريه تير شتيغن الذي سبق ان زار هذا الملعب حيث واجه هرتا برلين مع فريقه السابق بوروسيا مونشنغلادباخ (2011-2014).