النسخة العاشرة من كأس العرب في قطر أعادت تشكيل تاريخ البطولة
وكالات
تعكس النسخة الجديدة الحادية عشرة من نهائيات كأس العرب FIFA قطر 2025، التي تستضيفها الدوحة اعتبارا من الأول حتى الثامن عشر من شهر ديسمبر المقبل، مسار التطور التاريخي للبطولة، لا سيما منذ نسختها العاشرة المقامة في الدوحة عام 2021.
وقد شهدت البطولة، رغم سمو الفكرة التي انطلقت منها قبل أكثر من ستة عقود وتحديدا عام 1963، جهودا مضنية بذلت بعد ذلك، من أجل ضمان ديمومتها كمسابقة كروية ثابتة قادرة على الصمود في وجه التحديات، حتى جاءت النسخة السابقة العاشرة، لتشكل نقطة محورية في تحول مذهل نقلها إلى أفق أوسع بعدما حظيت باعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/ لتقام تحت مظلته للمرة الأولى.
وأتاح الاعتراف من قبل الفيفا لكأس العرب التحول من بطولة إقليمية تبحث عن مكانتها في الأجندة الكروية، إلى مسابقة عالمية تحظى باهتمام واسع وتترك أثرا ملموسا في خارطة كرة القدم، لتنتقل إلى صلب الأحداث والمنافسات الكبرى.
وبالتوازي، وجد الاتحاد الدولي لكرة القدم في كأس العرب 2021 مناسبة مثالية لاختبار القدرات التشغيلية للملاعب والبنى التحتية في دولة قطر قبيل المعترك العالمي المتمثل بنهائيات كأس العالم 2022، لكن النجاح المبهر للبطولتين ساهم في أن تتحول التجربة إلى واقع ملموس من خلال إدراج كأس العرب ضمن أجندة الفيفا لثلاث نسخ قادمة 2025 و2029 و2033 شريطة أن تقام البطولات الثلاث في قطر لضمان تكرار النجاح ذاته الذي عرفته النسخة الأولى بعد الاعتراف.
وشكلت المقومات التي بني على أساسها النجاح الكبير الذي شهدته النسخة العاشرة، الأرض الصلبة لاستمرار المظلة الدولية، بدءا من البنى التحتية المتطورة والملاعب الأيقونية ووسائل الإقامة والتنقل، وصولا إلى الأجواء المثالية للاعبين والجماهير، لتشهد البطولة أرقاما قياسية.
وأقيمت البطولة للمرة الأولى في تاريخها على ملاعب مونديالية، بعدما اختارت اللجنة المنظمة ستة ملاعب استضافت لاحقا مباريات كأس العالم 2022، كما شهدت افتتاح اثنين من الاستادات المونديالية هما استاد البيت الذي استضاف المباراة الافتتاحية بين منتخبي قطر والبحرين، واستاد 974، أول ملعب قابل للتفكيك بالكامل في تاريخ كأس العالم.
وقال ماجد الخليفي أمين السر المساعد الأسبق في الاتحاد القطري ومدير المنتخب القطري السابق، في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن كأس العرب في نسختها العاشرة عام 2021 شهدت نجاحا جماهيريا وفنيا منقطع النظير، حيث أصبحت الجماهير تترقب النسخة المقبلة التي يتوقع أن تكون على أعلى مستوى من ناحية الحضور الجماهيري والمستوى الفني، باعتبارها محطة تحضيرية لبعض المنتخبات التي بلغت نهائيات مونديال 2026، كما أن زيادة الجوائز المالية ستكون لها أثر كبير في المنافسة بين المنتخبات المشاركة.
وأضاف أن النسخة الماضية من البطولة أقيمت في ملاعب المونديال، مما انعكس على الحضور الجماهيري والمستوى الفني، كما أن الفعاليات المتنوعة للمشجعين ساهمت في وجود عدد قياسي، حيث يتوقع أن يرتفع العدد في ظل الإقبال الكبير على تذاكر المباريات للنسخة الجديدة.
ولفت المحلل الرياضي الحالي في قنوات الكأس القطرية إلى أن إقامة كأس العرب قبل مونديال 2022 انعكس بشكل إيجابي على البطولة، التي انتقلت من الإقليمية إلى العالمية، فيما يبقى الأهم هو تثبيت موعد إقامتها لثلاث نسخ قادمة تحت إشراف "فيفا"، وهذا يعني الاستمرارية لتساهم في تطور الكرة العربية.
بدوره، اعتبر الإعلامي خالد جاسم، في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025 تعد تجمعا عربيا من دول شقيقة، يجسده التلاحم الجماهيري الكبير في الدوحة، مشيرا إلى أن النجاح المبهر للنسخة السابقة من المنافسة، أصبح بمثابة إرث مستدام، وهو ما دفع قطر للتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، لتثبيت موعد البطولة لثلاث نسخ قادمة.
وأوضح جاسم أن إقامة البطولة على ملاعب المونديال تمنحها زخما كبيرا، وتساهم بشكل كبير في زيادة عدد الجماهير التي تتواجد أيضا في مناطق متعددة للفعاليات تجمع المشجعين سواء في سوق واقف والميناء القديم ولوسيل وسيلين وغيرها من الأماكن المعروفة في الدوحة.
وأشار إلى أن كأس العرب تعد فرصة لاكتشاف المواهب العربية، متوقعا أن تشهد النسخة الجديدة منافسة قوية سواء شاركت المنتخبات بالصف الأول أو الثاني.
كما أكد أن البطولة تشكل أيضا فرصة لبعض المنتخبات العربية المتأهلة لنهائيات كأس العالم للتحضير الأمثل للبطولة العالمية المقبلة.
وشهدت البطولة السابقة أرقاما قياسا من المنتخبات المشاركة بظهور 16 منتخبا في النهائيات، فضلا عن المنتخبات التي شاركت في التصفيات، وهو أمر يحدث للمرة الأولى أيضا.
وعرفت البطولة مستوى فنيا استثنائيا في جميع المراحل منذ دور المجموعات مرورا بالأدوار الإقصائية وصولا إلى المباراة النهائية، التي شهدت حصد منتخب الجزائر اللقب بفوزه على المنتخب التونسي، بينما أحرز المنتخب القطري المضيف المركز الثالث بعد تغلبه على نظيره المصري.
وسجلت البطولة أرقاما قياسية على مستوى الحضور الجماهيري، بعدما تابع المباريات وفقا لإحصائيات رسمية من الاتحاد الدولي 571 ألفا و605 مشجعين، وبواقع 18 ألف مشجع للمباراة الواحدة، في حين تم بيع 631,742 تذكرة.
وقد تجاوز الحضور في العديد من المباريات نسبة 80 بالمئة من الطاقة الاستيعابية للاستادات، خلافا للرقم الأعلى في الحضور الجماهيري للمباراة الواحدة الذي بلغ 63,439 مشجعا، وذلك خلال المباراة التي جمعت منتخبي قطر والإمارات في ربع النهائي على استاد البيت.
كما تابع المباريات 272 مليون مشاهد من مختلف أنحاء العالم، واستخدم 2.5 مليون مشجع وسائل النقل العام المتطورة في قطر خلال البطولة، وتميزت الاستادات بسهولة الوصول من خلال محطات مترو الدوحة، فيما توفرت خدمات النقل بالحافلات بين محطات المترو والاستادات.
ورغم البعد العالمي الذي اكتسبته البطولة بعد إقامتها تحت مظلة /الفيفا/، فقد حافظت على جوهرها العروبي كحدث رياضي يجمع الشعوب العربية تحت راية واحدة، ويسهم في تعزيز التلاحم العربي، ويقدم صورة مشرقة عن المنطقة العربية وتطورها.
وتأتي النسخة المقبلة من كأس العرب FIFA قطر 2025 لتؤكد على الريادة القطرية وعلى مكانة الدوحة كعاصمة للرياضة العالمية، خصوصا بعد استضافتها مؤخرا حدثا مونديالا جديدا، متمثلا بنهائيات كأس العالم تحت 17 عاما كنسخة أولى من خمس نسخ منح الفيفا لدولة قطر حق استضافتها.