مسؤولون ومثقفون: المونديال عرف الجمهور بالثقافة القطرية وغير الصورة النمطية عن المنطقة

قنا
تحولت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، إلى فرصة للتعريف بالثقافة القطرية والعربية، والهوية الوطنية لدولة قطر، وقد تكاملت الأدوار ما بين الجهات المختلفة لتقديم صورة حضارية لدولة قطر أمام جماهير المنتخبات التي شاركت في البطولة.
وتقاسم المواطنون والمقيمون هذا الدور مع الجهات المعنية، من خلال استضافة الجماهير في المجالس والمتاحف الخاصة بما يعكس حسن الضيافة القطرية، مما منح جماهير المونديال الفرصة للتعرف على العادات والتقاليد القطرية الأصيلة عن قرب وتجربة الأكلات الشعبية، ليس هذا فحسب بل حتى الممارسات العامة في الشوارع والتي تمثلت في استقبال المشجعين بعد الخروج من الملاعب بالماء والعصائر والتمور، مما كان له تأثير إيجابي على الجماهير، التي قدمت من مختلف أنحاء العالم.
وكان للفعاليات الثقافية التي أقيمت في الحي الثقافي /كتارا/ ودرب الساعي وسوق واقف دور كبير في تعريف الجماهير بالتراث القطري البحري والبري والموروث الذي تفتخر به دولة قطر. وتحول الزي القطري (وخصوصا الغترة والعقال) إلى "نجم المونديال" الجماهير دون منازع، حيث حرص المشجعون، على اختلاف أنواعهم، على ارتدائه في الأماكن العامة وفي مدرجات الملاعب أثناء المباريات ونفس الشيء بالنسبة للنساء اللاتي حرصن على ارتداء الزي النسائي القطري العباءة والشيلة. نجاح المونديال في تعريف جماهير العالم بالثقافة والهوية القطرية والعربية وعادات وتقاليد دولة قطر أكده مسؤولون في الشأن الثقافي ومثقفون خلال حديثهم لوكالة الأنباء القطرية /قنا/.. موضحين أن الحدث لم يكن مجرد بطولة رياضية، بل كان ملتقى رياضيا وثقافيا حضاريا كبيرا.
وفي هذا السياق قالت السيدة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة، إن الدبلوماسية الثقافية هي نوع من الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة التي تشمل تبادل الأفكار والمعلومات والفن واللغة وغيرها من جوانب الثقافة بين الدول والشعوب من أجل تعزيز التفاهم والمتبادل، وخلق التأثير، حيث تؤدي الدبلوماسية الثقافية دورًا مهمًا في تحقيق الوحدة والتكاتف ليس على مستوى المجتمع المحلي، بل على المستوى العالمي.
وأضافت أن بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، خلقت فرصة مميزة لوصول كل هذه الجنسيات إلى دولة قطر، لتعيش تجربة مميزة رياضية مغلفة بتجربة ثقافية فريدة، تمكنت من خلالها من التعرف على الثقافة القطرية ومعتقدات المجتمعات العربية والمسلمين، وهذا ما يساهم في بناء جسور للتفاهم، وتصحيح الأفكار والصور النمطية المغلوطة والتي قد يروج لها البعض.
وتابعت : "الفعاليات الثقافية التي أقيمت خلال البطولة ارتبطت بذاكرة جمعية، بين الثقافات المختلفة، ولعبت دورا مهما في التعريف بالثقافة المحلية، والعربية والإسلامية، وفرضت على الجميع احترمها، وهذا زاد من شعور الشباب بالاعتزاز بثقافته، وبالتأكيد سيساهم في محافظتهم عليها، وبذلك تكون قد تحولت المخاوف على الهوية إلى نقطة قوة".
وقالت الحمادي إن المونديال ترك أثرا ماديا نراه من خلال التطور العمراني الذي شهدته الدولة وذلك من خلال تطوير عميق، وفي الخدمات والمترو وغيرها من الملاعب والأندية والحدائق ويمكن استثمارها بشكل أفضل، حيث تحمل جدرانها ذاكرة مميزة في تاريخ المنطقة، كما خلق مناطق جديدة لتجربة السياحة الثقافية، وخاصة العائلية.
ومن جانبه، قال الناقد المسرحي الدكتور حسن رشيد في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن التسويق للثقافة القطرية والعربية وتعريف العالم بها وبتاريخ دولة قطر وتراثها خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، كان في مجمله عملية متكاملة، فقد قدمت دولة قطر صورة حضارية مفادها أن الإنسان في هذه الأمة يتميز بصفات لا يتميز بها الآخر ومن ضمنها كرم الضيافة.
وأضاف: "أعتقد أنهم سيشيدون بنا في هذا الأمر، كما أننا لم نبتعد عن حاضرنا وسماحة ديننا الإسلامي وهذا كان الإطار الذي يغلف كافة تعاملاتنا وتصرفاتنا مع الجماهير التي حضرت لمتابعة مباريات كأس العالم"، مشيرا إلى أن الصورة التي كانت لدى البعض عن المنطقة مشوشة بعض الشيء ولكن ما شاهده زوار الدولة خلال البطولة من تقدم ورقي حضاري سيغير تلك الصورة لا شك.
وأضاف الدكتور حسن رشيد: "فيما يتعلق بالجانب الثقافي نستطيع القول إننا قدمنا الفلكلور القطري في كل مكان من أجل إطلاع هذه الجماهير عليه ما بين سوق واقف و/كتارا/ ولوسيل ودرب الساعي والأندية الثقافية، وكانت هناك أهازيج وأغان مرتبطة بالفلكلور القطري في كل مكان ليس هذا فقط، بل تم تقديم بعض من الفلكلور الخليجي مثل الأهازيج العمانية التي تقدم على هامش مهرجان المحامل التقليدية في /كتارا/، إضافة الى تقديم فنون مرتبطة بالماضي وخاصة المرتبطة بالنشاط البحري باعتبارها جزءا من موروثنا، كما كان هناك نشاط فني واسع في /كتارا/ لتقديم الموسيقى العربية وخاصة آلة العود وهذا الأمر بطبيعة الحال أعطاهم صورة أوضح عما وصلت اليه منطقتنا من تقدم ورقي".
ومن ناحيته، قال الإعلامي عبدالله فرج المرزوقي إن جماهير كأس العالم التي حضرت إلى قطر تأثرت بأخلاق وعادات المجتمع القطري وحسن تعامله.
وأضاف: "شاهدنا بعض الجماهير يتردد على المجالس القطرية، وقد انبهروا بكرم الضيافة، وبعضهم اندمج مع رواد المجالس القطرية ويتعلمون الكثير عن العادات القطرية الأصيلة، وذلك لأن المجالس مدارس تعلم كل من يتردد عليها، وقد انعكس هذا إيجابيا على سلوكيات هذه الجماهير على مدار أيام البطولة فلم نر أي خروج عن النص في جميع الملاعب أو حتى بعيدا عن الملاعب، وهو ما يؤكد أن تلك الجماهير تأثرت بأخلاق وعادات وثقافة القطريين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة، فقد كنا نرى الكثير من المواطنين يستقبلون المشجعين بعد خروجهم من الملاعب بالماء والتمور والقهوة والفواكه وهذا تعبير عن كرم الضيافة والمحبة والتسامح، وهي عادات غرست أبا عن جد في المجتمع القطري وعندما ترى تلك الجماهير هذه العادات بطبيعة الحال سوف تعود إلى بلادها برسائل إيجابية عن ثقافة هذا البلد المضيف وشعبه وسوف يكونون بمثابة سفراء ينقلون ثقافة هذا البلد وعادات شعبه ويدحضون كل الشائعات المغرضة التي سبقت انطلاق البطولة بعد أن عاشوا تجربة رائعة في البلد المستضيف".
وأضاف الدكتور المرزوقي أن كثيرا من جماهير كأس العالم حرصوا على ارتداء الزي القطري واحتساء القهوة العربية وتناول الأكلات الشعبية، وهذا دليل على مدى التأثير الذي أحدثته الثقافة والعادات القطرية فيهم، مما يجعلنا نؤكد أن هذه البطولة كانت بالفعل أكبر مسوق للثقافة والهوية القطرية والعربية والإسلامية والأخلاق الحميدة، فقد كانت بمثابة ملتقى رياضي ثقافي كبير.
ومن ناحيتها، قالت سلمى النعيمي مستشار ثقافي بالمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ : "الزي يعتبر من أهم سمات الهوية الوطنية لأي دولة، وقد شاهدنا مدى اندماج الجماهير التي حضرت المونديال في المجتمع القطري المحب والمضياف لكل الزائرين، فقد رأينا صورا جميلة للمشجعين وهم يرتدون الثوب القطري بمساعدة شباب قطريين يعلمونهم كيف يرتدون الغترة والعقال في مشاهد كانت أكثر من رائعة، إلى جانب أن كثيرا من المشجعات حرصن على ارتداء العباءة والشيلة، وهذا دليل على مدى التأثير الذي أحدثته الملابس والأزياء القطرية على هذا الجمهور، ويؤكد في الوقت نفسه سرعة اندماج الجمهور وتعلقهم بالعادات القطرية".
وأشارت النعيمي إلى تعلق المشجعات برسومات الحناء باعتبارها من التقاليد القطرية القديمة، فقد حرصن كبارا وصغارا على تجربة عمل الحناء والتعرف عليها عن قرب في كافة المراكز الاحتفالية بالدولة.