search

    متحف قطر الوطني وردة الصحراء.. تاريخ المكان وجوهر الإنسان

    وكالة الأنباء القطرية


    للوهلة الأولى وأنت تجول بناظريك لاستكشاف معالم هذا البلد الآمن في طريقك من مطار حمد الدولي إلى قلب مدينة الدوحة عبر طريق الكورنيش، ستتراءى لك "وردة صحراء" عملاقة، فتشد ناظريك بجمالها الساحر، فلا تستطيع صرف بصرك عنها.

    تلك التحفة المعمارية الأخاذة، بأقراصها المنحنية المتشابكة، هي متحف قطر الوطني المستوحى من تاريخ البلاد وطبيعتها الجيولوجية، وأحد شواهد الحاضر على ماض عريق لدولة قطر ومنطقة الخليج، فمتحف قطر الوطني "وردة الصحراء" يمثل إرث قطر الحضاري عبر الزمان، ويظهر فيه جوهر الإنسان، ويوري تاريخ الأجداد والآباء وأسرار حضارة أصيلة ضاربة في جذور التاريخ.

    ومع قرب انطلاق بطولة كأس العالم قطر 2022، الحدث الرياضي الأبرز في العالم، يُعد متحف قطر الوطني إحدى أهم الوجهات والمعالم السياحية التي يمكن لزوار قطر ومشجعي كرة القدم من كل أصقاع العالم زيارتها والاستمتاع بجمال الكنوز التاريخية فيها واستكشاف تراث قطر وماضيها من خلالها.

    ويقدم متحف قطر الوطني، الذي افتتحه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في السابع والعشرين من مارس عام 2019 بعد ثمانية أعوام من الجهد والإبداع، تجربة تفاعلية فريدة من نوعها ترصد تطور الحياة في دولة قطر، من خلال تحفة معمارية صمّمها المهندس المعماري العالمي "جان نوفيل" ليكون درة تاج الثقافة القطرية.

    وقد شُيّد المتحف حول القصر القديم للشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني (1880 - 1957) نجل مؤسس دولة قطر الحديثة، وهو قصر قديم أعيد ترميمه، وكان يُستخدم في السابق مسكنًا للعائلة الحاكمة ومقرًا للحكومة، ثم تحوّل لاحقًا لمتحف قطر الوطني القديم.

    واستوحى المعماري نوفيل، الحائز على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية، تصميم مبنى المتحف من التكوينات الكريستالية الطبيعية المميزة للمنطقة والمعروفة باسم "وردة الصحراء"، التي تظهر في المناطق الساحلية القاحلة، وتنشأ من خلال تفاعل الرياح ورذاذ البحر والرمال عبر آلاف السنين.

    ويتناغم طلاء السطح الخرساني للمتحف مع البيئة الصحراوية القطرية، حيث يأخذ لونًا شبيهًا بالرمال، ليبدو المبنى كأنه نبت خارج من الأرض ومتوحّد معها، كما تبدو وردة الصحراء تمامًا.

    وتعد أقراص المتحف المنحنية والمتشابكة التي توفر ظلالًا طبيعية، من بين عناصر التصميم التي نال المتحف من أجلها شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة ليد الفئة الذهبية، وشهادة 4 نجوم من نظام تقييم الاستدامة العالمي /جي إس أيه إس/، ليكون بذلك أول متحف وطني على مستوى العالم يحقق هذه التصنيفات المتقدمة.

    كما حاز متحف قطر الوطني في مارس 2020 جائزتين مرموقتين في النسخة السادسة من جوائز شبكة "الوجهات الثقافية الرائدة" المعروفة باسم "أوسكار المتاحف" في حفل أقيم في العاصمة الألمانية برلين، ليصبح بذلك الجهة الوحيدة التي تفوز بجائزتين من بين جميع الجهات الثقافية العالمية المشاركة في جوائز "الأوسكار".

    ويروي المتحف التفاعلي ذو التصميم المُدهش والمُقام على مساحة 40 ألف متر مربع، التكوين الجيولوجي لشبه جزيرة قطر مرورًا بالتاريخ الطبيعي وما قبل التاريخ إلى عصرنا الحديث، مانحًا زواره على اختلاف ثقافاتهم تجربة ثرية لاستكشاف بيئته الغامرة والتعرّف على ماضي قطر وحاضرها ومستقبلها.

    وبمجرد عبور البوّابة الرئيسية للمتحف يشعر الزائر بأنه في رحاب رحلة زمنية مُذهلة تختزل ملايين السنين من التراث والثقافات المتداخلة عبر 11 صالة عرض تمتد على مسافة 1.5 كيلومتر في مسار متعّرج ينتهي في القصر التاريخي القديم للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني.

    وتتميز كل صالة بشخصيتها المستقلة وبيئتها المتكاملة، إذ تروي كل واحدة فصلًا من فصول قصة قطر عبر مزيج مميز من الوسائل المختلفة تتنوع بين الموسيقى والشعر والمرويات التاريخية والروائح المثيرة للذكريات والأعمال الفنية المصمّمة خصيصًا للعرض في المتحف، إلى جانب الأفلام الفنية التي تعرض على جدران الصالات بأحجامها الهائلة، وغير ذلك من الوسائل.

    كما تحتوي صالات العرض على مجموعة مذهلة من المقتنيات الأثرية والتراثية، من بينها سجادة بارودة الشهيرة المصنوعة من اللؤلؤ، التي صمّمت عام 1865، والمُطرّزة بأكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية عالية الجودة ومزينة بالزمرد والماس والياقوت، إلى جانب المخطوطات والوثائق والصور والجواهر والأزياء.

    ويمنح متحف قطر الوطني صوتا لدولة قطر للتعريف بتراثها الثري وثقافتها والتعبير عن طموحات شعبها وتعزيز رؤيتها الثقافية على الصعيد الدولي، ويمثل مركزا للاكتشاف والإبداع والتفاعل المجتمعي، ومنصة غنية بالفرص التعليمية المتنوعة.

    وعلى غرار تصميم المتحف المستوحى من الطبيعة، يأتي تصميم متجر الهدايا الذي استوحاه المصمم الياباني كويتشي تاكادا من دحل المسفر (كهف النور) الواقع في قلب دولة قطر، ويجسد هذا التصميم رؤية تاكادا حول العلاقة التي تربط بين الناس والطبيعة من خلال تصميم رائع للقطع الخشبية المتشابكة والمنحنية ذات اللون العسلي. ويتكون التصميم الداخلي للمتجر من 40 ألف قطعة خشبية تم تجميعها باليد مثل قطع "البازل" من قبل خبير النجارة الإيطالي كلاوديو ديفوتو وفريقه من الحرفيين.

    ويقدم متجر الهدايا في متحف قطر الوطني مجموعة كبيرة من الهدايا الحصرية المصممة بعناية، ومعظمها مستوحى من تاريخ وتراث وثقافة قطر. من جهة أخرى، يولي متحف قطر الوطني اهتماما كبيرا لذوي الإعاقة، حيث يوفر تقنيات حسية وبصرية وسمعية متطورة، ونصوصا مكتوبة بلغة /برايل/ وأنشطة عملية تساعدهم في التعرف على محتوى المتحف. كما يتيح لزواره من المكفوفين جولات متخصصة وتقنيات تكنولوجية مساعدة، وأجهزة دليل صوتي.

    ويقدم المتحف ورش عمل وجولات وبرامج معدّة خصيصا للأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم، وتشمل هذه الجولات زيارة المعارض العائلية والتعرّف على مجموعة كبيرة من العناصر الحسية واللمسية في المتحف. ويمتاز المتحف بموقعه الجغرافي، ضمن حلقة من الأماكن السياحية المتنوعة والمتقاربة، فمثلا يبعد مسافة قصيرة سيرا على الأقدام من متحف الفن الإسلامي وممشى الواجهة البحرية المركزي في كورنيش الدوحة، والسوق التقليدية الكبيرة "سوق واقف"، وحي مشيرب قلب الدوحة، وغير ذلك الكثير.

    ويسهل الوصول إلى المتحف خاصة باستخدام المترو والنزول في محطة المتحف الوطني ضمن "الخط الذهبي"، أو بوسائل التنقل الخاصة، أو بسيارات الأجرة المتوفرة عبر تطبيقات "كروة" و"أوبر" و"كريم" المستخدمة على نطاق واسع، فيما تبلغ مدة المسافة بين المتحف ومطار حمد الدولي حوالي 15 دقيقة. ويمكن لمشجعي كرة القدم وضيوف قطر خلال فترة المونديال الاستمتاع بخوض تجربة زيارة المتحف قبل التوجه للملاعب لمشاهدة مبارياتهم المفضلة، فعلى سبيل المثال يربط مسار "الخط الذهبي" للمترو بين ملعبين من ملاعب المونديال هما: استاد 974، واستاد خليفة الدولي.

    ويتيح متحف قطر الوطني خيارات متعددة لحجز تذاكر الدخول عبر موقعه الإلكتروني، وتشمل تذكرة الدخول العامة إلى المتحف الدخول إلى معارضه الدائمة، بينما يتطلب الدخول إلى المعارض الخاصة المؤقتة شراء تذاكر منفصلة.

    ويرحب المتحف بزواره لاستكشاف قصة قطر وشعبها من خلال ما يقدمه من تجارب متنوعة وغامرة، حيث يفتح أبوابه أمام الجمهور من السبت إلى الخميس من التاسعة صباحا وحتى السابعة مساء، فيما يكون التوقيت يوم الجمعة من الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر إلى السابعة مساء.

    كما توفر متاحف قطر، الجهة المسؤولة عن دعم وتطوير المتاحف وقطاع الثقافة في قطر، ضمن مبادرة "قطر تُبدع" بطاقة "One Pass" المبتكرة للاستمتاع بالمزايا والخصومات المتنوعة، بما فيها الدخول المجاني إلى المتاحف خلال كأس العالم قطر 2022، ولتكون نافذة مباشرة ووسيلة تمكن جميع المهتمين من متابعة جميع العروض الثقافية في قطر وحضورها بسهولة ويسر.

    وبطاقة "One Pass" صالحة للاستخدام من الأول من أكتوبر الماضي إلى 31 ديسمبر المقبل، وتتوفر بأربع باقات، وهي الفضية بسعر 199 ريالا، والذهبية بسعر 399 ريالا قطريا، والبلاتينية بسعر 499 ريالا، والماسية بسعر 1999 ريالا.

    ويمكن شراء بطاقة "One Pass" حصريًا عبر الإنترنت على موقع qacreates.com.

    وتسعى متاحف قطر من خلال العديد من مبادراتها المتميزة إلى خلق حركية ثقافية على مدار العام ومنصة للفعاليات والأنشطة الفنية في البلاد، وتحويل مختلف الفئات من السكان والسائحين والمشجعين وزوار قطر إلى سفراء يتحدثون مع أصدقائهم وذويهم عن أوقاتهم السعيدة فيها ويعودون إليها مرارا وتكرارا.