search

    تاريخ المنتخبات العربية في المونديال بدون إنجاز حقيقي

    قنا

     عندما تنطلق صافرة انطلاق نهائيات النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، ستكون كل الآمال العربية معلّقة على منتخبات قطر الدولة المضيفة، السعودية، المغرب، وتونس من أجل تحقيق إنجاز عربي جديد يتخطى التأهل إلى الدور الثاني، خاصة أن البطولة تقام على أرض عربية للمرة الأولى في تاريخ الحدث الكروي الأعظم عالمياً.

      ففي المشاركات العربية السابقة، اقتصر التواجد في بطولات كأس العالم على التمثيل المشرّف، فكانت مصر أول دولة عربية تظهر في النهائيات خلال النسخة الثانية عام 1934 في إيطاليا، بينما نالت تونس شرف تحقيق أول فوز عربي خلال النسخة الحادية عشرة عام 1978 في الأرجنتين، فيما كان المغرب أول دولة تتأهل للدور الثاني في النسخة الثامنة عام 1986 في المكسيك.

       وتمتلك السعودية رقماً خاصاً للعرب في المونديال، وهو التأهل إلى النهائيات أربع مرات متتالية منذ النسخة الخامسة عشرة في أمريكا 1994 وحتى النسخة الثامنة عشرة عام 2006 في ألمانيا، لكنها تتساوى في عدد مرات التأهل للمونديال مع كل من المغرب وتونس ولكل منها ست مشاركات، وذلك بعد التأهل إلى مونديال FIFA قطر 2022 الذي سينطلق بعد أيام قليلة.

       ويُعد سجل العرب في المونديال فقيراً للغاية، حيث لا تحتوي المشاركات العربية على إنجاز حقيقي غير التأهل إلى الدور الثاني، الذي تحقق ثلاث مرات فقط من أصل 13 نسخة تأهل فيها منتخب عربي للنهائيات، فكانت الأولى إفريقية عبر المغرب خلال النسخة الثالثة عشرة عام 1986 في المكسيك، والثانية آسيوية عبر السعودية خلال النسخة الخامسة عشرة عام 1994 في أمريكا، والثالثة بواسطة الجزائر في النسخة العشرين بمونديال البرازيل 2014، علماً أن شرف التأهل نالته 8 دول عربية فقط من أصل 22.

        ولم ير المونديال العرب في نسخته الأولى في الأورغواي عام 1930، التي كانت بطولة تجريبية شارك فيها 13 منتخباً فقط وبدون تصفيات تأهيلية، وانتهت مباراتها النهائية بفوز الأوروغواي على الأرجنتين (4- 2).

       لكن النسخة الثانية عام 1934 في إيطاليا شهدت المشاركة العربية الأولى عبر المنتخب المصري الذي كان واحداً من ستة عشر منتخباً تأهلت إلى النهائيات، لكنه خرج مبكراً من الدور الأول للبطولة بعد هزيمته أمام المجر (2-4)، حيث سجّل عبد الرحمن فوزي هدفي مصر.

       وجاء خروج مصر المبكر لأن نظام البطولة كان يقضي بخروج المغلوب من مباراة واحدة، فلم يكن للمنتخب المصري فرصة للتعويض بالرغم من تحقيق المنتخب نتائج لافتة في هذه الفترة، أبرزها الفوز على المجر (3- صفر) في أولمبياد 1924 في باريس.

      وانتظر العرب 36 عاماً حتى يتمكنوا من المشاركة في المونديال من جديد بعد بطولة إيطاليا عام 1934، حيث كان هناك غياب عربي كامل عن 6 نهائيات أقيمت أعوام 38، 50، 54، 58، 62، 66، في كل من فرنسا والبرازيل وسويسرا والسويد وتشيلي وإنجلترا على التوالي.

       وتكفّل المغرب بعودة العرب للمشاركة في المونديال في النسخة التاسعة عام 1970 في المكسيك، حيث خاض البطولة ضمن فرق المجموعة الرابعة إلى جانب كل من ألمانيا وبيرو وبلغاريا، لكنه خرج من الدور الأول بعد أن احتل المركز الرابع في المجموعة بعد خسارته أمام كل من ألمانيا (1-2) وبيرو (صفر-3) والتعادل مع بلغاريا (1-1).

       وغاب العرب مجدداً عن النسخة العاشرة عام 1974 في ألمانيا، إلا أن غيابهم هذه المرة لم يدم طويلاً، حيث مثّلت تونس العرب في النسخة الحادية عشرة عام 1978 في الأرجنتين، لتحقق أول فوز عربي في المونديال وكان على حساب المكسيك (3-1)، حيث سجّل علي الكعبي ونجيب جهوميدا ومختار دهويب أهداف تونس، وارتيرو فازكويز من ركلة جزاء هدف المكسيك.

      ورغم فوز تونس في أولى مبارياتها في المجموعة الثانية، فقد فشلت في التأهل للدور الثاني بعد خسارتها أمام بولندا (صفر-1) في الجولة الثانية، وتعادلها مع ألمانيا (صفر-صفر) في الجولة الثالثة لتحتل المركز الثالث في المجموعة برصيد 3 نقاط بفارق نقطة عن ألمانيا الثانية ونقطتين عن بولندا صاحبة المركز الأول.

      وبعد النسخة الحادية عشرة لم تغب شمس العرب عن المونديال حتى الآن، حيث شهدت النسخة الثانية عشرة عام 1982 التي أقيمت في إسبانيا مشاركة أول فريقين عربيين هما الجزائر عن القارة الإفريقية والكويت عن القارة الآسيوية.

       ووضعت الجزائر بصمة مهمة في أولى مشاركاتها المونديالية، وفاجأت العالم بعروض قوية، حيث حققت أفضل نتائج لفريق عربي في تاريخ البطولة آنذاك بفوزها على كل من ألمانيا (2-1) وتشيلي (3-2) ضمن منافسات المجموعة الثانية، إلا أنها فشلت في التأهل بعد خسارتها أمام النمسا (صفر-2)، لتتأهل كل من ألمانيا والنمسا بفارق الأهداف بعد تساويهما مع الجزائر برصيد أربع نقاط في ظل جدل كبير حول مؤامرة ألمانية نمساوية لإخراج الجزائر.

       فيما كانت مشاركة المنتخب الكويتي الممثل الأول لعرب آسيا في المونديال، مُخيّبة للآمال بعدما احتل المركز الأخير في المجموعة الرابعة برصيد نقطة واحدة بعد تعادله مع تشيكوسلوفاكيا (1-1) في الجولة الأولى، وخسارته أمام كل من فرنسا (1-4) في الجولة الثانية، وإنجلترا (صفر-1) في الجولة الثالثة.

       وحمل فيصل الدخيل لقب أول كويتي يسجّل في المونديال بهدف التعادل الذي سجّله في مرمى تشيكوسلوفاكيا، فيما كان الهدف الثاني للكويت في البطولة من نصيب عبد الله البلوشي في خسارتها الثقيلة أمام فرنسا

    وفي النسخة السابعة عشرة عام 2002 التي أقيمت للمرة الأولى في القارة الآسيوية عندما استضافتها كوريا الجنوبية واليابان معًا، شاركت السعودية للعام الثالث على التوالي ممثلة لعرب آسيا وتونس للمرة الثانية على التوالي والثالثة في تاريخها ممثلة لعرب إفريقيا.

       وتواصَل الإخفاق العربي في هذه البطولة بعد خروج المنتخبين من الدور الأول، حيث احتلت تونس المركز الأخير في المجموعة الثامنة برصيد نقطة واحدة بعد الخسارة أمام روسيا واليابان بالنتيجة نفسها (صفر-2) والتعادل مع بلجيكا (1-1) وسجّل هدف نسور قرطاج رؤوف بوزيان.

       أما المنتخب السعودي فقد حقق أسوأ نتائجه في المونديال بعد احتلاله المركز الأخير في المجموعة الخامسة بدون نقاط بعد خسارته في مبارياته الثلاث أمام كل من ألمانيا (صفر-8) والكاميرون (صفر-1) وإيرلندا (صفر-3)، ليخرج صفر اليدين بدون حتى تسجيل هدف.

     أما النسخة الثامنة عشرة عام 2006 في ألمانيا، فقد شهدت مشاركة منتخبي السعودية للمرة الرابعة ممثلًا لعرب آسيا، وتونس للمرة الثالثة على التوالي ممثلًا لعرب إفريقيا والرابعة في تاريخه، إلا أن القرعة أوقعت المنتخبين معًا في المجموعة الثامنة بجانب إسبانيا وأوكرانيا، لتكون المرة الثانية التي يلتقي منتخبان عربيان في المونديال بعد عام 1994 في أمريكا عندما فازت السعودية على المغرب (2 1). وعلى غرار النسخة الماضية ودّعت السعودية وتونس البطولة من الدور الأول بعد احتلالهما المركزين الثالث والرابع في المجموعة الرابعة برصيد نقطة واحدة لكل منهما بعد تعادلهما (2-2) في مواجهتهما المباشرة، حيث سجّل سامي الجابر -هدفه الشخصي الثالث في المونديال- وياسر القحطاني هدفي الأخضر، فيما سجّل زياد الجزيري وراضي الجعايدي هدفي تونس.

       وبعد تعادل السعودية وتونس في مباراتهما الافتتاحية، خسر الأخضر أمام أوكرانيا (صفر-4) وإسبانيا (صفر-1)، فيما خسر نسور قرطاج أمام كل من إسبانيا (1-3) وسجّل لتونس جوهر المناري، وأوكرانيا (صفر-1).

       وشهدت النسخة التاسعة عشرة عام 2010 التي أقيمت في جنوب إفريقيا، تراجع المشاركة العربية إلى منتخب واحد فقط وهو المنتخب الجزائري الذي خاض منافسات البطولة ضمن المجموعة الثالثة بجانب إنجلترا وأمريكا وسلوفينيا.

       وخرج المنتخب الجزائري من الدور الأول للبطولة بعدما احتل المركز الأخير في المجموعة برصيد نقطة واحدة، فبعد بدايته القوية في الجولة الأولى وتعادله مع إنجلترا (صفر- صفر) سقط الخضر في الجولتين الثانية والثالثة أمام كل من أمريكا وسلوفينيا بالنتيجة نفسها (صفر-1)، ليودّع المنتخب المونديال بدون تسجيل هدف.

       وشهدت النسخة الـ 20 في البرازيل 2014، ظهور الجزائر مرة ثانية كممثل وحيد عن العرب، حيث تمكّنت من التأهل للدور الثاني بعد احتلال المركز الثاني في المجموعة الثامنة، إثر فوزها على كوريا الجنوبية (4- 2)، وتعادلها مع روسيا (1-1) وخسارتها أمام بلجيكا (1- 2)، لكن مسيرتها توقفت عند الدور التالي بعد تقديم مستوى وأداء رائعين أمام ألمانيا، ولكنها خسرت (1- 2).

       أما النسخة الـ 21 في روسيا 2018 التي تواجد فيها للمرة الأولى أربعة منتخبات عربية في المونديال، بتواجد مصر والمغرب وتونس والسعودية، فقد شهدت تواصل تراجع النتائج العربية، في ظل الخروج المبكر من دور المجموعات.

       وشهدت هذه النسخة المواجهة العربية الثالثة في المونديال، والتي جمعت منتخبي مصر والسعودية في المجموعة الأولى، وانتهت لصالح الأخير (1- 2)، إلا أن المنتخبين ودّعا مبكرًا المجموعة بعد خسارتهما أمام الأوروغواي وروسيا.

       أما المنتخب المغربي فقد ودّع البطولة مبكرًا بعدما احتل المركز الأخير في المجموعة الثانية بعد تعادله مع إسبانيا (2-2)، وخسارته أمام كل من البرتغال وإيران بالنتيجة نفسها (صفر-1)، وهو نفس مصير المنتخب التونسي الذي احتل المركز الثالث في المجموعة السابعة، بفوزه على بنما (2- 1)، وخسارته أمام إنجلترا (1- 2)، وبلجيكا (2- 5).

       وفي النسخة الـ 22 التي ستنطلق بعد أيام في الدوحة وتشهد مشاركة أربعة منتخبات عربية للمرة الثانية، سيكون على عاتق منتخبات قطر الدولة المضيفة، السعودية، المغرب، وتونس، حمل الراية العربية في المونديال، حيث تنتظر منها الجماهير العربية الكثير من أجل رسم البسمة على شفاههم وتخطي إخفاق البطولة الماضية وتحقيق إنجاز عربي جديد يتخطى التأهل للدور الثاني، خاصة أن البطولة تقام على أرض عربية للمرة الأولى في تاريخ الحدث الأعظم كرويًا