استاد لوسيل المونديالي .. 28 يوما من المتعة الكروية

قنا
يجسد استاد لوسيل ، آخر الاستادات الثمانية التي أعلنت اللجنة العليا للمشاريع والإرث عن تصميمه النهائي لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم /قطر 2022/، ما تحمله دولة قطر من طموح وحماس تجاه مشاركة الثقافة العربية مع العالم أجمع.
وسيكون الاستاد محور مدينة لوسيل الواقعة على بعد حوالي 15 كيلومترا شمالي العاصمة الدوحة، بمثابة قصة كروية عمرها 28 يوما فقط، وهي عدد أيام مونديال قطر، لاسيما ان الاستاد لن يكون له أي تواجد رياضي بعد المونديال حيث سيتم تحويله إلى وجهة مجتمعية تضم مدارس ومتاجر ومقاه ومرافق رياضية وعيادات طبية، بحيث يتحول إلى مركز مجتمعي متعدد الأغراض ويوفر كل ما يحتاجه الناس تحت سقف واحد، وهو السقف الأصلي لاستاد كرة القدم.
ويوضح المهندس تميم العابد مدير مشروع استاد لوسيل في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أنه نظرا لأن عدد سكان دولة قطر محدود حيث لا يتخطى عدد المواطنين والمقيمين معا ثلاثة ملايين نسمة، الأمر الذي لا يتوافق مع تواجد ثمانية ملاعب مونديالية بطاقة 400 ألف مقعد، لذا كانت الأفكار تقليص المقاعد بعد المونديال في جميع الملاعب، ومنها استاد لوسيل الذي سيتم إعادة هندسة المساحة الضخمة داخل الاستاد وتحويلها إلى وجهة مجتمعية تخدم بطريقة مفيدة المجتمع المحلي القطري، فضلا عن التبرع بالعديد من مقاعد الاستاد القابلة للفك للاستفادة منها في تطوير مشاريع رياضية حول العالم.
ويقول العابد ، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن تحويل استاد لوسيل الرئيسي لمونديال قطر التي تبلغ طاقته الاستيعابية 80 ألف متفرج، بعد المونديال إلى وجهة اجتماعية ليس اهدارا للمال العام لاسيما بعد عمل سنين في استاد سيكون تحفة فنية وهندسية، إذ يري أن الاستدامة الاقتصادية تؤكد أنه من الافضل للأجيال القادمة إعادة هندسة المساحة الضخمة داخل الاستاد لتحتوي على خدمات اجتماعية مختلفة، في ظل وجود ملاعب أخرى بديلة ومميزة في مختلف أنحاء البلاد. ويضيف مدير المشروع أن تصميم استاد لوسيل يراعي فكرة تحويله إلى منشأة اجتماعية، حيث تم الاتفاق بصورة مبدئية على الكثير من المرافق التي سيتحول إليها الاستاد مستقبلا، ومنها إقامة مدرسة على المقصورة الغربية للاستاد تبدأ من الدور الأرضي وحتى الدور الثالث، وعيادات طبية في المقصورة الشرقية، ووحدات سكنية موزعة على جميع الأدوار خاصة بعد الدور الثاني، فضلا عن توفير مساحات للمحلات التجارية وأماكن الترفيه للأطفال.
ومن المقرر أن يستضيف استاد لوسيل الذي يبلغ ارتفاعه عن الأرض 75 مترا، خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر ما بين سبع إلى تسع مباريات، فبجانب مباراتي الافتتاح والاختتام، سيستضيف ست أو سبع مباريات أخرى من بقية منافسات المونديال، إذ أنه الاستاد الوحيد الذي سيستضيف مباريات في جميع أدوار البطولة بغض النظر عن العدد النهائي لمنتخبات المونديال .
ويتوسط الاستاد مدينة لوسيل العصرية التي تبعد عن مركز مدينة الدوحة 15 كلم شمالا، ومن المتوقع أن تصبح لوسيل بعد استكمال بنائها بالكامل مدينة المستقبل نظرا لتمتعها بكل مرافق ومقومات الحياة العصرية، إلى جانب قيمتها التاريخية الهامة في قلوب القطريين.
تجري أعمال الإنشاء في استاد لوسيل بوتيرة متسارعة، لتصبح قريبا رؤية قطر لاستاد نهائي بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 واقعا ملموسا.
ويؤكد المهندس تميم العابد مدير مشروع استاد لوسيل في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن الأعمال تسير على قدم وساق في المشروع وفق الجدول الزمني والمقرر الانتهاء منه في الربع الأخيرة من العام المقبل 2020، حيث تم الانتهاء من الهيكل الخرساني بنسبة قاربت الـ100 %، فضلا عن الانتهاء من أعمال والركائز والخدمات المدفونة تحت منسوب الأرض بنسبة 100 %، وكذلك إنجاز ما يتخطى الـ30 % من أعمال الحديد الخاصة بهيكل الاستاد، فضلا عن إنهاء الوحدات الجاهزة المدرجات بنسبة 50 %.
ويضيف العابد أن المشروع يلتزم بمعايير الصحية والسلامة في التعامل مع العمال ويعتمد متطلبات قوانين وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية خلال الأعمال الجارية في المشروع الذي يضم حاليا 4600 عامل، حيث يجري العمل على مدار اليوم الكامل (24 ساعة) على ثلاث ورديات بواقع ثماني ساعات في الوردية الواحدة وطوال ستة أيام في الأسبوع، حيث تم إنجاز 20 مليون ساعة عمل حتى الآن مع وقوع إصابات طفيفة وكلها من الدرجة الأولى إذ تستدعي التدخل العادي في موقع الحدث فقط.
ويعتبر مدير المشروع أن رعاية العمال رحلة مشتركة بين اللجنة العليا والقطاع الخاص خاصة ان ملف رعاية العمال من الملفات الكبرى التي تحتل صدارة اولويات اللجنة، وتنطلق الرقابة منذ مرحلة المناقصات التي تتقدم بها المؤسسات والشركات المساهمة في عمليات البناء والتشييد والتي تتضمن شروط الالتزام بمعايير رعاية العمال باعتباره عاملا اساسيا في قبول ملف الشركة المناقصة او رفضه لعدم الاهلية.
ويشدد العابد أن خطة المواصلات التي سيتم اعتمادها باستاد لوسيل تعتمد بالأساس على دراسة عدد المتفرجين المقترح وصولهم للاستاد والأماكن القادمين منها والطرق المحلية او الخارجية، حيث توجد شبكة طرقات متطورة داخل مدينة لوسيل تم ربطها بطريق الخور السريع ونفق لوسيل الجديد وبقية الطرق المؤدية إلى مدينة لوسيل، بالإضافة إلى مترو الانفاق الذي سيكون جاهزا لنقل المتفرجين من جميع انحاء الدوحة وصولا إلى موقع الاستاد.
ويوضح مدير المشروع أن خطة مواصلات ستهدف إلى إبعاد السيارات الخاصة بقدر الإمكان عن الملعب لأن 80 ألف متفرج بالإضافة إلى 10 آلاف شخص من كبار الزوار والإعلاميين والمتطوعين سيؤدي وصول العدد إلى 90 ألف شخص يوميا في كل مباراة، وهو وضع غير مناسب لوجود سيارات خاصة مع مسارات طويلة للمشجعين الراغبين في الاحتفال بالعرس الكروي، ولذلك سيتم تخصيص ستة مواقع كبيرة في محيط الملعب على مسافة لا تزيد عن ثلاث كيلو مترات، لاستخدامها كمواقف من جانب المشجعين على أن يتم نقلهم بعد ذلك بالباصات. ويكشف العابد أن عملية دخول الجماهير للاستاد ستستغرق حوالي ساعتين، حيث يتضمن الاستاد 153 بوابة الكترونية موزعة على 33 مدخلا رئيسيا منتشرة على كامل محيط الملعب وهي سلسلة مترابطة تنطلق معها الرحلة إلى داخل الاستاد من الطرق الخارجية ثم المحلية مرورا بمسالك التفتيش والبوابات الرئيسية والالكترونية والمصاعد الكهربائية وصولا إلى كرسي المتفرج والذي سيكون محجوزا باسمه من خلال علامات وشيفرات معتمدة.