search

    استاد الوكرة المونديالي.. حلم قطري يرى النور

    قنا

    بدأ العد التنازلي لافتتاح استاد الوكرة، أحد الاستادات التي ستستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022، حيث يشهد يوم الخميس القادم التدشين الرسمي للاستاد من خلال المباراة النهائية لبطولة كأس سمو الأمير المفدى لكرة القدم. 
    استاد الوكرة الذي يعد ثاني استادات مونديال قطر 2022 التي تم الانتهاء منها بعد افتتاح استاد خليفة الدولي في مايو 2017، لم يكتف بأنه الاستاد الأول الذي تم تشييده من الصفر وفق المقاييس والمعايير المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وإنما حقق رقما عالميا قياسيا جديدا بعدما تم الانتهاء من تركيب الأرضية العشبية للاستاد في زمن بلغ 9 ساعات و15 دقيقة لتكون أسرع عملية فرش عشب لملعب كرة قدم في العالم. 
    ويؤكد المهندس ثاني الزراع مدير مشروع استاد الوكرة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن عملية مد الأرضية العشبية للاستاد في زمن قياسي لم تكن هدفا في حد ذاتها بقدر كونها تجربة لمواجهة أي طارئ قد يحدث لأرضية الملعب خلال المونديال، وكيفية التعامل معها في ظل استضافة الاستاد لمباريات في بطولة مضغوطة، فضلا عن تجربة جدوى تغيير الأرضية في فترة قصيرة. 
    وسيشكل استاد الوكرة المستوحى تصميمه من المراكب الشراعية المقلوبة بغرض الصيانة، بعد افتتاحه، إضافة نوعية لمدينة الوكرة التي احترف أهلها قديما الملاحة البحرية والمغامرة فوق الأمواج، حيث سيستفيدون من المرافق الجديدة التي ستحيط بالملعب سواء في الفترة التي تسبق المونديال أو بعد انتهائه، ومن بينها مدرسة وقاعة للأفراح ومسارات لركوب الدراجات الهوائية والركض، وركوب الخيل، ومطاعم، ومتاجر، وأندية للياقة البدنية، ومتنزهات، كما سيكون بمقدور الزوار والمشجعين خلال المونديال قضاء أوقاتهم في مرافق الملعب قبل المباريات وبعدها. ويقول ثاني الزراع، في مقابلة خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن أحد أهم أهداف مشروع استاد الوكرة هو استخدامه للأنشطة الاجتماعية بشكل يومي ولا يقتصر على الأغراض الرياضية فقط، حيث إن دراسات الجدوى ركزت على أهمية استفادة الدولة وأهل المنطقة من المشروع كنوع من الإرث المستدام الذي تقوم عليه جميع مشاريع اللجنة العليا للمشاريع والإرث. 
    ويضيف أن المساحة الكلية للمشروع تقدر بحوالي 600 ألف متر مربع، منها 150 ألف متر مربع مخصصة للاستاد، و90 ألف متر مربع للمناطق الخضراء حول الاستاد والمخصصة للأعشاب، وكذلك للأشجار التي يصل عددها إلى حوالي 700 شجرة، فيما تتوزع المساحة المتبقية بين المرافق المختلفة ومسارات ركوب الدراجات الهوائية والخيل والركض ومركز الطاقة ومحطة كهرماء وغيرها من الخدمات. 
    ويعكس تصميم استاد الوكرة الذي جرى تشييده في قلب مدينة الوكرة، التي تبعد نحو خمسة عشر كيلومترا جنوب الدوحة، المستوحى من شكل القوارب الشراعية المعروفة في قطر ودول الخليج العربية بالمحامل، التراث التاريخي والثقافي للمنطقة وللمدينة التي تعتبر من أهم المدن القطرية، فهي من أقدم الموانئ التجارية الاستراتيجية، وموقعها كإحدى البوابات الرئيسية لمدينة الدوحة برا وبحرا قديما، كما أنها اشتهرت بتجارة اللؤلؤ وصيد الأسماك. 
    ويوضح الزراع أن تصميم الملعب مستوحى من أعمال للمصممة العالمية العراقية زاها حديد، حيث تم التركيز في تصميمه على محاكاة الطبيعة والثقافة القطرية، وهو ما ظهر جليا في تصويره على هيئة المراكب الشراعية التي كان يستخدمها الأجداد قديما خلال حياتهم اليومية في عمليات الغوص وصيد اللؤلؤ. 
    ويضيف أن العمل في مشروع استاد الوكرة بدأ عام 2014 بمرحلة التصميم، ثم تم بناء مكاتب إدارة المشروع من قبل مقاول محلي عام 2015، تلا ذلك مرحلة التمكين وبناء الأساسات في عام 2016، وأخيرا في عام 2017 تم ترسية المشروع على المقاول الرئيسي للانتهاء من بناء الاستاد والمشروع بصورة كاملة على مدى 33 شهرا. 
    وحول مراعاة الاستدامة وصداقة البيئة في بناء الاستاد، يشدد المهندس ثاني الزراع مدير مشروع استاد الوكرة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث على أن هذه الجوانب تمت مراعاتها منذ التصميمات الأولية للمشروع الذي حصل على شهادة خمس نجوم في مرحلة الاستدامة من برنامج نظام تقييم الاستدامة العالمي "GSAS" لإدارة الفعاليات والأنشطة الرياضية والبناء، كما سيتم التقدم من أجل الحصول على شهادة جديدة بعد انتهاء البناء. وعن الإرث الذي سيحققه مشروع استاد الوكرة، أكد الزراع أن الإرث أحد أهم وعود ملف قطر 2022 لاستضافة المونديال من خلال الاستفادة من تقليص سعة ملاعب مونديال قطر في المساهمة ببناء ملاعب في الدول الصديقة والنامية، وهو ما سيتوفر في استاد الوكرة من خلال تفكيك 20 ألف مقعد والتبرع بها لإحدى الدول بالتنسيق مع الاتحاد الدولي /الفيفا/. 
    وتبلغ الطاقة الاستيعابية لاستاد الوكرة حوالي 40 ألف مشجع، حيث سيستضيف الاستاد مباريات بطولة كأس العالم حتى الدور ربع النهائي، ويتميز الاستاد بسقفه القابل للفتح والإغلاق خلال مدة 30 دقيقة. ويعتبر مدير مشروع استاد الوكرة أن تصميم الهيكل الحديدي للاستاد الذي يتكون من 32 قطعة ويزيد وزنه عن تسعة آلاف طن، كان أكبر التحديات التي واجهت المشروع، خاصة أن القطعة الواحدة كانت تستغرق شهرا ونصفا بداية من تصميمها في إيطاليا وصناعتها في الصين وكوريا الجنوبية، ثم نقلها إلى إيطاليا للتأكد من المقاييس قبل أن تنقل إلى الدوحة للصبغ ودخول مرحلة التركيب النهائي الذي استغرق عشرة أشهر للانتهاء من تركيب الهيكل بالكامل. 
    وعن مقاييس رعاية العمال، يشدد الزراع على مراعاة هذا الأمر قبل العمل في مشروع استاد الوكرة، حيث حرصت اللجنة العليا للمشاريع والإرث منذ بداية عملها على مرور تقييم رعاية العمال بأربع مراحل مختلفة حسب الاشتراطات والمقاييس العالمية، فضلا عن توقيع عقود بنود واشتراطات خاصة برعاية العمال في عقود اللجنة مع المقاولين سواء محليين أو عالميين. 
    وفاق عدد العمال في مشروع استاد الوكرة خمسة آلاف عامل، حيث جرى العمل في الاستاد بنظام يوم العمل الكامل من خلال ثلاث فترات عمل بلغت كل فترة ثماني ساعات، علما بأن الأشغال في الاستاد فاقت الـ20 مليون ساعة عمل. وحول وصول الجمهور إلى استاد الوكرة، يوضح مدير مشروع استاد الوكرة أن هذا من الأمور التي ستتم تجربتها ودراستها بعناية خلال مرحلة التشغيل التجريبي للملعب قبل البطولة، مشيرا إلى أن أمام الجمهور ثلاثة خيارات، الأول باستخدام المترو، أو استخدام السيارات حتى مواقف محددة ومنها يتم النقل بالباصات إلى الملعب، والخيار الثالث هو استخدام السيارات حتى المواقف المخصصة وقطع حرم الملعب والملاعب الخضراء مشيا على الأقدام. 
    ويضيف الزراع أن الزمن اللازم للوصول إلى استاد الوكرة من قلب الدوحة قل إلى النصف أو أقل تقريبا مقارنة بالعامين الماضيين، وذلك بعد اكتمال غالبية مشاريع الطرق السريعة والداخلية التي تعتبر شبكة محكمة تربط الملعب بجميع الاتجاهات، فضلا عن إنهاء العديد من مشاريع البنية التحتية التي تخدم المشروع من طرق وجسور وتقاطعات وغيرها.