search

    الدكتور خالد سعود: "تحدي 22" حوّل حلمي إلى حقيقة

    اللجنة العليا للمشاريع والإرث

    سيبقى الثاني من ديسمبر 2010، اليوم الذي فازت فيه قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، في ذاكرة كل جماهير كرة القدم في الشرق الأوسط إلى الأبد. فقد غيّر ذلك اليوم الوجه الرياضي للمنطقة، لكن جماهير الرياضة لم يكونوا وحدهم من تأثر بذلك التغيير.
     
    تذكر الدكتور خالد سعود، أستاذ الفيزياء في جامعة فرجينيا كومنويلث في قطر، جيداً أين كان في ذلك اليوم، وقال لموقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث www.sc.qa: "كنت في أحد المطاعم مع عائلتي، وكان التلفاز ينقل ما يجري. فجأة امتلأت الشوارع بالسيارات التي تطلق أبواقها. كان الناس يحتفلون بشكل هيستيري. فقد كانت تلك أخبار سعيدة لهذا البلد وشعرت فوراً بالفرحة تغمرني. حلم الكثير من الشباب هو حضور مباريات كأس العالم، والآن ستتاح لنا الفرصة جميعاً لمشاهدتها هنا".
     
    لطالما كان الدكتور سعود، المولود في الأردن والذي أمضى معظم حياته العملية في الولايات المتحدة الأمريكية، من عشاق كرة القدم. لكنه أيضاً عالم بارز في مواد وتكنولوجيا النانو. وفور الإعلان عن فوز قطر بحق الاستضافة، بدأ يدرس كيفية لعب دور في هذه البطولة.
     
    واستحضر الدكتور ذكرياته قائلاً "طبعاً كنت سعيداً بالخبر نظراً لكوني عاشقاً لكرة القدم. ولكن كعالِم بدأت فوراً بالتفكير بما يمكن أن أفعله لأكون جزءاً من هذه البطولة. فكرتُ في البيئة هنا في قطر. الحرارة تشكل تحدياً كبيراً، ولذلك كنتُ أحاول إيجاد وسائل جديدة لمعالجة هذا التحدي".
     
    رغم الأفكار الكثيرة التي كانت تدور في رأس الدكتور سعود الذي أمضى عمره في إجراء الأبحاث، والحماس الذي كان يشعر به، إلا أنه لم يحظ بفرصة الانخراط رسمياً في جهود التحضير للبطولة إلاّ عام 2015، وذلك بفضل برنامج تحدي 22، وهو برنامج الابتكار الذي وضعته اللجنة العليا للمشاريع والإرث والذي يهدف إلى إلهام وتحفيز ألمع العقول في المنطقة عبر منحها فرصة لتقديم أفكارها المبتكرة للملايين من البشر عام 2022 وما بعد ذلك.
     
    وقال الدكتور سعود: "عندما سمعت ببرنامج تحدي 22، كان انطباعي الأول هو أن الفرصة قد سنحت أمامي للقيام بعمل ما. وخلال ثلاثة أيام قدمت مقترحي - حيث أن الأفكار كانت موجودة أصلاً - وقدمتها في آخر لحظة، كما يفعل الكثير من طلابي"! 
     
    بعد أن قدّم اقتراحه، والذي يتعلق بطريقة مستدامة لإنتاج مواد عزل أطول عمراً وأخف وزناً وأقل قابلية للاشتعال، انتظر الدكتور سعود شهرين قبل أن تتم دعوته للجولة الثانية. رتّب منظمو البرنامج من اللجنة العليا وشركائهم اجتماعات له مع خبراء مختصين لدعم المقترح من ناحية تجارية.
     
    وفي هذا الصدد، قال عالم الفيزياء: "قدموا لنا تدريباً مكثفاً على يد اثنين من المدربين من عالم الأعمال. كان لدي بعض الخبرة في الأعمال، لكنني لم أكن رجل أعمال، بل كنت أفعل ما أفعله بتلقائية ودون تدريب، وبالتالي كانت مساعدة المدربين قيّمة جداً بالنسبة لي". 
     
    بعد ذلك بعام تمكّن الدكتور سعود من تعيين عالِمين اثنين لمساعدته في عمله. ويجتمع العلماء الثلاثة يومياً في جامعة فرجينيا كومنويلث في قطر، وهم يقرّون بأن المشروع طغى على حياتهم، بالمعنى الإيجابي. قال الدكتور سعود: "هذا مشروع خاص ومتميز جداً. أعتقد أن أربعة أو خمسة حوادث حريق كبيرة على الأقل وقعت في قطر. مواد العزل مصنوعة من البوليسترين، الذي لا يساعد في هذا المجال. تبيّن التجارب التي أجريناها هنا أن المواد المستخدمة في هذه الأماكن تحتاج إلى أقل من 50 ثانية لتتقلص وتحترق. ولكن مع إضافة منتجنا لها كطلاء، فإنها تتحمل الحرارة لمدة 45 دقيقة دون أضرار كبيرة".
     
    عند سؤاله عن الدور الذي لعبته بطولة كأس العالم لكرة القدم واللجنة العليا وبرنامج تحدي 22 على مشروعه، كان جوابه حاسماً: "سرّع الأمور بشكل كبير وساعدني على الحصول على المواد والمعدات التي أحتاجها وتوظيف بعض الناس لمساعدتي لأنه ليس بوسع شخص واحد القيام بكل شيء. وبالتالي هذا الدعم دفع عجلة الأمور بشكل كبير جداً".
     
    وأضاف: "هذا أمر مشوق للغاية لأن هذه أول مرة تخرج فيها فكرتي من المختبر إلى النور وتصبح حقيقة. فمعظم الأفكار لا تطبق وتبقى دائماً أفكاراً أو أنها تنشر في مجلة علمية ما، ولكن لأول مرة سترى فكرتي النور وتصبح مُنتجاً حقيقياً. لأول مرة أستطيع أن أترجم أفكاري إلى شيء مفيد للناس في حياتهم اليومية. وهذه مكافأة كبيرة لي كعالِم". 
     
    وأخيراً فإن رسالته إلى كل شخص يفكر في المشاركة في نسخة 2016 من تحدي 22 واضحة وهي: "أولاً حدِّد المشكلات التي قد يواجهها الناس وحاول أن تجد لها حلاً فعالاً وأن تطبق أفضل الممارسات في أبحاثك". 
     
    وأردف قائلاً: "الناس لا يأتون إلى هنا فقط لمشاهدة كرة القدم. هذا أمر يجب أن تتذكره كذلك. بل إنهم يفِدون إلى منطقة الخليج أيضاً للتعرف على ثقافتها وعلى الثقافة العربية واستكشاف المنطقة. لذلك يجب على أي مشروع أن يعرّف الناس على كل ما هو جيّد في ثقافتنا". 
     
    يعود "تحدي 22" في نسخته الثانية في وقت لاحق من هذا العام، وسيتم فتح باب المشاركة في هذه النسخة من البرنامج أمام عدد أكبر من دول المنطقة. تابع موقع اللجنة العليا www.sc.qa للاطلاع على إعلان مهم سينشر قريباً بهذا الخصوص، فقد تكون الشخص التالي الذي يسهم في حركة الابتكار في الشرق الأوسط ويلعب دوراً في بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022.