مؤسسة أسباير زون "سر التميّز الرياضي في قطر"

موقع الكأس
لم يعد اسم قطر يتردد اليوم إلا وهو مقرون بالرياضة، بعد أن صارت ثقافةً يتنفسها الشعب القطريّ وطقساً من طقوس حياته اليومية بفضل العديد من المشروعات والبرامج والمبادرات الرياضية التي أطلقتها الدولة، وعلى رأسها مؤسسة أسباير زون، أحد أكبر الصروح الرياضية في قطر والمنطقة بأسرها، والتي لا يكتمل الحديث عن النهضة المعاصرة في دولة قطر بشكل عام، والنهضة الرياضية بشكل خاص دون الإشارة إلى دورها.
قبل 5 أعوامٍ، كانت قطر على موعد مفصليّ في تاريخها، حينما تم الإعلان عن حصول دولة قطر على شرف استضافة كأس العالم 2022، ليجعل من قطر محط اهتمام العالم بأسره ويحول عدسات الإعلام العالمي تجاهها.
لم يكن الخبر متوقعاً للكثيرين، خاصةً في ظل احتدام المنافسة مع دول لها تاريخها الرياضيّ الطويل. لكن في حقيقة الأمر، لم يكن ذلك مستغرباً إلا لمن غابت عنه حقيقة مسيرة النهضة الشاملة التي أطلقتها قطر منذ مطلع الألفية في جميع المجالات وعلى رأسها الرياضة، باعتبارها إحدى ركائز القوى الناعمة التي تعتمد عليها لتعزيز مكانتها المرموقة على الساحة الدولية.
ومن ثم، لم يكن هذا النجاح وليد اللحظة بل جاء تتويجاً لرحلةٍ انطلقت منذ ما يزيد عن عقد من الزمن لتجعل من قطر قبلةً تهوى إليها أفئدة الرياضيين من مختلف أنحاء العالم، ولنشر ثقافة الرياضة بين جميع أفراد مجتمعها، حتى يُمكن وصف العصر الحالي في قطر بأنه العصر الذهبيّ للرياضة القطرية بامتياز.
وقد تحقق ذلك لقطر عبر إطلاق العديد من المبادرات والمشروعات والتي كانت أكبرها وأهمها على الإطلاق مؤسسة أسباير زون، هذه المدينة الرياضية المتكاملة والفريدة من نوعها،فما الذي قدمته منذ تأسيسها وكيف ساهمت في تحقيق هذا النجاح؟
في عام 2003، انطلق مشروع المدينة الرياضية بهدف توفير بيئة رياضية عالية المستوى والارتقاء بمستوى الرياضة وإعداد كوادر رياضية مدربة تدريباً بدنياً وعلمياً وتربوياً في مختلف التخصصات، بما يفي باحتياجات المجتمع القطريّ ويحقق طموحاته في المنافسات الرياضية إقليمياً وعالمياً، إلى جانب توفيرها لمتنفس رياضي وترفيهي على أعلى مستوى من التجهيزات أمام جميع أفراد المجتمع القطريّ، على نحو يساعد في نشر ثقافة الرياضة في المجتمع. وفي عام 2006، استضافت مؤسسة أسباير زون الاحتفال التاريخي لافتتاح وختام دورة الألعاب الآسيوية، والذي كان بمثابة إعلان البداية للعصر الذهبي للرياضة القطرية.
وقد أُنشِئت مؤسسة أسباير زونبمرسوم أميري في 1 يناير 2008 من أجل: تطوير الرياضة والرياضيين، ودعم أسلوب حياة رياضي صحي، ودفع عجلة الاقتصاد الرياضي في قطر.
ولقد رسمت مؤسسة أسباير زون لنفسها نهجاً واضحاً في الإدارة الحديثة، حيث تتماشى استراتيجية المؤسسة مع استراتيجية التنمية الوطنية التي ستمكن قطر من تحقيقرؤية 2030، فيما يتعلق بالتنمية البشرية والاقتصادية بشكل عام، والقطاع الرياضي بشكل خاص.
واستطاعت مؤسسة أسباير زون أن تؤكد على ريادتها في قطاع الرياضة بما تقدمه من خدمات وبرامج دراسية متكاملة، ومبانٍ عصرية ومختبرات رياضية متطورة، ومدربين عالميين، بما يشكل منظومة متكاملة لمساعدة المواهب الرياضية الواعدة ليصبحوا رموزاً للتفوق الرياضي في المستقبل.
كما تعمل المؤسسة أيضاً على تقديم خدمات وبحوث الطب الرياضي وإعادة تأهيل الرياضيين المصابين للوصول بهم إلى مرحلة الشفاء التام وتعزيز الأداء، من خلال الخدمات الطبية والتأهيلية العالمية المتميزة التي تقدمها مستشفى سبيتار.
وتهتم المؤسسة بتطوير بنى تحتية تنافس المنشآت العالمية، وهو ما يساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية لدولة قطر في كثير من المجالات، وذلك عن طريق الخدمات التي تقدمها منظماتها الأعضاء. ولقد توّجت جهود المؤسسة أخيراً بحصولها علىلقب أكبر مشروع رائد في تنمية السياحة الرياضية في العالم، وذلك في سياق برنامج جوائز السفر العالمية للعام 2011.
وقد وحّد المرسوم الأميري الذي صدر في العام2008 قيادة هذه الكيانات تحت مظلة واحدة، على أن تسعى كل منها لإنجاز الدور المنوط بها في سلسلة العمليات المتكاملة لمؤسسة أسباير زون.
وأصبحت المؤسسة هي الوجهة الرياضية العالمية الوحيدة التي تنفرد بتقديم مجموعة متكاملة من الخدمات المتميزة للمنظمين المحليين والإقليميين والدوليين تلبية للاحتياجات الرياضية العالمية، ما جعلها مركزاً للتميز الرياضي. كما أنها وعبر أنشطتها المكثفة على مدار العام، استطاعت تثبيت مكانتها كأفضل وجهة لأصحاب القرار في مجال صناعة الرياضة، باعتبارها القلب النابض للرياضة والرياضيين. فضلاً عن مبادراتها المجتمعية المتعددة التي استطاعت خلال الفترة الماضية أن تغير من نمط الحياة التقليدي لدى الكثيرين إلى نمط أكثر حركة وصحة ونشاطاً، على رأس هذه المبادرات: برنامج صحتك في خطوتك، برنامج أسباير زون الرمضاني المجتمعي والرياضي، برنامج صحة وحركة، وغيرها.
وتضم مؤسسة أسباير زون مجموعة من أفضل المنشآت والملاعب الرياضية عالمية المستوى، والتي تقدم أنشطة متنوعة ومتكاملة تجمع ما بين الرياضة والطب الرياضي والبحوث والتعليم الرياضي، وتعد أسباير زون من أفضل الأماكن التي تجمع بين جنباتها ما بين الرياضة والترفيه.
كما دشنت المؤسسة العديد من المبادرات والبرامج التي تعزز من موقعها الفريد على خريطة المؤسسات الرياضية العالمية، على رأسها معرض ومؤتمر أسبايرفورسبورت، الذي أضحى المنصة الاقتصادية الرائدة لصناع الرياضة في الإقليم، ومنتدى الدوحة لرواد الرياضة "دوحة جولز" الذي يتميز بجمعه بين الرياضة وبين تنمية المجتمعات وتحسين أوضاعها الإنسانية والاقتصادية ويقدم العديد من الفرص للنهوض بالشباب من خلال الرياضة كقوة فاعلة في هذا المجال. هذا فضلاً عن قيام أكاديمية أسباير بتدشين قمة عالمية في علوم أداء كرة القدم للناشئين يشارك فيها أهم وأشهر الخبراء الرياضيين والأندية والاتحادات الكروية العالمية، واتخذت هذه القمة نهجاً مميزاً بعقدها في قارة كرة القدم القارة الأوروبية، حيث تتنقل بين مدنها الكبيرة عاماً تلو الآخر.
وتعمل مؤسسة أسباير زون على تحقيق أهدافها من خلال أعضائها الثلاثة: أكاديمية أسباير ومستشفى سبيتار وأسباير لوجستيكس.
أكاديمية أسباير: اليوم حلم وغدًا نجم
يُمكن وصف أكاديمية أسباير بأنها واحدة من أكبر المشروعات الرياضية في العالم المخصّصة لاكتشاف أفضل المواهب الرياضية في دولة قطر تحديدا،ً ومن دول المنطقة والعالم بوجه عام، وإعدادهم تعليمياً وتربوياً بما يتناسب مع تفوقهم الرياضيّ وذلك عبر توفير أفضل البرامج التدريبية وسُبل الرعاية الاجتماعية والصحية والتغذية الرياضية الصحيحة على نحو يمكنهم من المنافسة على البطولات الرياضية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
والآن، بعد أكثر من 10 سنوات على افتتاحها في 2004، بدأت أكاديمة أسباير في جني ثمار ما غرسته على مدار هذه الأعوام، حيث قامت حتى الآن بتخريج 8 دفعات بمجموع ما يقرب من 260 خريجاً. واستطاع أبناؤها حفر أسمائهم بقوة في سجلات التتويج بالبطولات الدولية، ومنهم على سبيل المثال معتز برشم أحد أبناء الأكاديمية وصاحب ثاني أفضل رقم في تاريخ مسابقات الوثب العالي والذي يحفل تاريخه بالإنجازات في ألعاب القوى منها حصوله على الذهب في بطولة العالم للناشئين 2010 والتتويج ببطولة آسيا للشباب 2011 والفوز بالبرونزية في الألعاب الأولمبية بلندن 2012 وفضية بطولة العالم لألعاب القوى في موسكو 2013 والحصول على بطولة ألعاب القوى داخل الصالات 2014. كما يحمل زميله الأصغر سناً أشرف الصيفي وهو ابن أكاديمية أسباير أيضاً الرقم القياسي العالمي بعد تتويجه ببطولة ألعاب القوى العالمية للشباب 2012 وهو لم يتعد السابعة عشرة حينها ليحرز بذلك أكبر إنجاز في تاريخ ألعاب القوى، ثم حقق مجدداً بطولة ألعاب القوى داخل الصالات 2014 للشباب.
كما حقق فريق ألعاب القوى القطري أفضل نتيجة في تاريخه في دورة الألعاب الآسيوية 2014 بحصوله على ست ميداليات ذهبية وثلاث ميداليات برونزية. وبالإضافة إلى ألعاب القوى، يوجد 11 لاعباً من أبناء أكاديمية أسباير مسجلين في 11 رياضة أخرى، من بينها تنس الطاولة، وكرة القدم، والمبارزة والرماية. ومن ألمع خريجي الأكاديمية أيضاً عبدالله التميمي، بطل الاسكواش الذي فاز بجائزة أفضل لاعب آسيوي ناشئ في 2013 وأحزر بطولة هولندا المفتوحة تحت 19 عاماً وحقق مركزاً متقدماً في بطولة العالم للشباب في بولندا ومؤخراً حصل على المركز الأول في بطولة الخليج للاسكواش لفردي الرجال، وكذلك اللاعب تميم محمد عيسى المهزة، العضو في فريق الشباب بنادي أتلتيكو مدريد، والطلاب وليد دلول وعبد الله زين السنيدي وعبد الرحمن محسن النجار الذين مثلوا قطر الصيف الماضي في دورة الألعاب الأوليمبية التى أقيمت بالصين في رياضات السباحة والرماية وتنس الطاولة.
اما استطاع منتخب قطر للشباب، المكون كلياً من أبناء أكاديمية أسباير، انتزاع لقب بطولة آسيا للشباب لكرة القدم التي أقيمت في ميانمار 2015، إلى جانب العديد من المواهب الأخرى المنشترة حالياً في أندية رياضية كُبرى، وغيرهم من المواهب التي يجري صقلها حالياً والتي تعوّل عليها قطر في تمثيلها مستقبلاً في الأولمبياد والبطولات العالمية في مختلف الرياضات.
ولا تقتصر جهود الأكاديمية على دعم الرياضيين فقط، بل وجميع أفراد المجتمع انسجاماً مع رؤية قطر الوطنية 2030 من أجل توفير حياة صحية للشعب القطري. ومن بين مبادراتها المجتمعية الرامية لتحقيق هذه الأهداف "أسباير أكتيف" التي ترمي إلى تغيير نمط حياة الأفراد عبر مجموعة متنوعة من الرياضات الموجهة للمجتمع والدروس والتدريبات الرياضية لتحسين اللياقة البدنية ونشر ثقافة صحية بين أفراد المجتمع المحلي والمشاركة فيها مفتوحة أمام الجميع.
سبيتار – ريادة عالمية في الطب الرياضي
هو أوّل مستشفى متخصّص في جراحة العظام والطبّ الرياضي في المنطقة وأحد أبرز المستشفيات المتخصصة في الطب الرياضي على مستوى العالم. بدأ العمل منذ العام 2007 وحصل على اعتماد شبكة البحوث الطبية للجنة الأولمبية الدولية كمركز بحث للوقاية من الإصابة والحفاظ على صحة الرياضيين، كما حصل في 2008 على اعتماد رسمي من الاتحاد الدولي لكرة القدم كمركز للتميّز الطبي من بين 20 مركزاً معتمداً فقط من قبل الفيفا على مستوى العالم، إلى جانب حصوله على اعتماد المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون كأول مركز مرجعي متعاون في مجال الطب الرياضي.
ويهدف المستشفى إلى توفير أفضل علاج طبي ورعاية صحية من الفئة الأولى لجميع الرياضيين واللاعبين، إلى جانب الإشراف على المنشآت العلاجية والطبية في الدولة فيما يتعلق بمجالات الطب الرياضي وإصابات الملاعب، والمساهمة في تطوير العلوم الطبية الرياضية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، والقيام بالأنشطة العلمية وإجراء البحوث التعليمية في مجالات الطب الرياضي وجراحة العظام والعلوم الطبية الرياضية، وإنشاء برامج للدراسات العليا في مجالات الطب الرياضي وجراحة العظام بالتنسيق مع الجامعات والمعاهد ذات الصلة داخل الدولة وخارجها، فضلاً عن تنظيم الدورات والندوات والمؤتمرات الطبية ودعوة الخبراء والاستشاريين للمشاركة فيها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
ويشرف سبيتار طبياً على تغطية كافة الفعاليات الرياضية التي تُقام في دولة قطر بمعدل يفوق 100 حدث سنوياً وينفذ قرابة 700 عملية جراحية كمعدل سنوي، ويستقبل على مدار العام ألمع نجوم الرياضة من أبرز الأندية الرياضية المختلفة لتلقي العلاج أو التأهيل أو المشورة. كما ينظم ويشارك في العديد من المحافل الدولية المعنية بالطب الرياضي والبحوث من أجل المشاركة بخبراته فيها واستعراضآخر ما توصل إليه من نتائج بحثية.
وتُعد المستشفى من الطراز العالمي، حيث تضم 50 سريراً وغرفة بيئية و24 غرفة لنقص الأكسجين يُمكنها استيعاب 48 شخصاً في بيئة توفّر علواً مرتفعاً، إلى جانب أربعة مسارح رقمية متصلة بمركز للتعليم، وستة أسرّة ضمن وحدة العناية المركزة. ويضم فريقه الدولي نخبة من الخبراء في مجال الطب الرياضيّ وجراحة العظام والمعالجين الفيزيائيين وعلماء رياضيين وعلماء النفس ومتخصصين في طبّ الأرجل ومعالجين غذائيين، وأخصائيي علاج طبيعي وأشعة وأطباء أسنان وأطباء في الطبّ داخلي. كما يشتمل سبيتار على مراكز امتيار في الطب الرياضي والعلوم الرياضية وجراحة العظام وإعادة التأهيل، ويفي بالمعاير الدولية في علاج إصابات كرة القدم ومشاكل العظام، ويستخدم أفضل الأساليب والتقنيات لتوجيه المرضى عبر إعادة التأهيل نحو التعافي الكامل.
وتستفيد أكاديمة اسباير من المستشفى خاصة عند سفر لاعبيها للخارج وتحضير الرياضيين للعب في مناخ مختلف من خلال غرف المستشفى الخاصة التي تعوّد الرياضيين على الارتفاع والضغط والجو المتقلب ليصلوا لمكان الحدث وقد تعودوا عليه.