الذوادي: الانتقادات لمونديال 2022 كانت أشد من العادة ودون دليل يذكر

اللجنة العليا للمشاريع والإرث
تتأهب قطر لاستضافة أكبر حدث في تاريخها في غضون سبع سنوات من الآن. وسيقترب حينها موعد نهائي كأس العالم لكرة القدم 2022 مزيحاً الستار عن أول بطولة كأس عالم لكرة القدم في التاريخ في منطقة الشرق الأوسط.
خمس سنوات منذ أن تم تعيين حسن الذوادي، مديراً تنفيذياً لتلك اللجنة المفعمة بالنشاط التي وقع على عاتقها تقديم ملف ترشيح قطر، ليدوّن أعضاؤها أسماؤهم في كتب التاريخ.
ورغم تسارع عقارب الساعة، اتخذ حسن الذوادي الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث متسعاً من الوقت ليطلع موقع www.sc.qa على نظرة مستقبلية خاطفة ويرسم صورة دولة قطر وتحضيراتها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
في غضون سبع سنوات من الآن، ستتأهب قطر لاحتضان نهائي كأس العالم لكرة القدم. هل ينتابكم نفس الشعور بالفخر الذي أحسستم به منذ خمس سنوات عندما فاز ملف قطر بشرف احتضان البطولة؟
طبعاً بالتأكيد. في الحقيقة، لا أعتقد أنه يمكن لمثل هذا الشعور الغامر أن يستمر بنفس الشدة، لا سيما بعد خمس سنوات، ولكن من المؤكد أن الناس مازالوا متحمسين لما ينتظرهم في المستقبل. لقد استغرقنا وقتاً طويلاً في العمل إلى جانب جميع شركائنا ومجتمعنا تحضيراً لـ2022. ونحن نقوم بذلك حرصاً منّا على إطلاع الناس بالمنافع التي تعود بها هذه البطولة ليدركوا مدى أهميتها بالنسبة لهم ولدولة قطر. وما يثير الحماس أكثر هو أننا كلما اقتربنا خطوة من البطولة، كلما زاد هذا الشعور.
منذ الإعلان عن هذا الموعد، مررتم ببعض الأوقات الصعبة. كيف تعاملتم مع الانتقادات التي وجهت لقطر منذ ذلك الحين؟
لطالما كنا نتوقع أن توجه إلينا انتقادات. فليس هناك أي حدث رياضي في العالم لا يمر بهذه المحطة. ولكن بالنسبة إلينا، أعتقد أن الانتقادات كانت أشدّ على وجه الخصوص. فقد وقعنا ضحية حملة ضد قطر وضد اللجنة التي نجحت في تقديم ملف ترشيحنا وبدون أي دليل يذكر. وكان علينا أن نعيش مع واقع ذلك لمدة خمس سنوات. ورغم ملايين الرسائل الإلكترونية والحملة الواسعة التي شنتها بعض الصحف وتقرير مايكل غارسيا، لا يوجد لغاية الآن أي دليل يثبت أن اللجنة التي قدمت ملف ترشيح قطر قد ارتكبت أخطاءً تذكر.
في ظل التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعي العام في سويسرا، هل أنتم قلقون إزاء إمكانية ظهور أدلة جديدة من شأنها أن تورّط قطر؟
عند إلقاء نظرة عن كثب على هذه التحقيقات، ستجدون أن اهتمامها ينصب على أشخاص كانوا منخرطين على أعلى المستويات في كرة القدم خلال ولا يتعلق الامر بلجنة شابة ونشطة هدفها تقديم ملف ترشيح قطر.
ما هو ردكم على التصريحات الأخيرة التي أدلت بها السيدة لوريتا لينش؟
من المهم وضع تصريحات المدعي العام لوريتا لينش في السياق الصحيح، فهي تنتظر من قطر أن تكون متعاونة إن اقتضى الأمر ذلك، في التحقيقات التي تجريها السلطات الأمريكية والسويسرية. لقد كانت التصريحات رداً على سؤال وجهه الجمهور إلى السيدة لينش، أشارت فيها على وجه الخصوص إلى قطر ولم تكن تصريحات أدلت بها بمحض إرادتها.
لم نتلق أي اتصال من وزارة العدل الأمريكية أو المدعي العام السويسري بشأن التحقيقات التي يجريها كل منهما. سوف نتعاون تعاوناً كاملاً مع التحقيق الذي يجريه رئيس لجنة الأخلاقيات، مايكل غارسيا، ونحن نعتزم القيام بالشيء ذاته إذا تقدمت السلطات الأمريكية أو السويسرية بهذا الطلب.
نحن نؤكد على أننا شكلنا اللجنة التي قدمت ملف ترشيحنا بشكل أخلاقي وبكل نزاهة واحترمنا قواعد وتنظيمات عملية الترشيح لاحتضان كأس العالم لكرة القدم 2018/2022 احتراماً صارماً.
نحن نؤمن أن استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 في الشرق الأوسط أمر ضروري أكثر من أي وقت مضى، نظراً إلى المناخ السياسي العالمي. سيتوافد الأشخاص من كل بقاع العالم إلى التراب العربي للاحتفال بأكبر حدث رياضي في العالم والاستمتاع به ونحن نعتبر ذلك فرصة لا تقدر بثمن من أجل تعزيز التفاهم الثقافي بين أشخاص ينتمون إلى ثقافات وخلفيات متنوعة ويجمعهم شغفهم المشترك بكرة القدم.
عندما تنظر إلى السنوات الأخيرة، هل يمكن القول بأن الاشراف على الإستعدادات كان أمراً استمتعت به؟
إنها فرصة تأتي مرة واحدة في العمر. إنه فخر كبير بالنسبة إلي أن أشغل هذا المنصب ونحن نستعد لاستضافة أول كأس عالم في منطقة الشرق الأوسط. لا يوجد شيء في العالم يوحد الشعوب كما تفعل كرة القدم. إنها تبني جسوراً، تجعلنا أقرب إلى بعضها البعض. عندما تنظر إلى بعض المشاكل التي يواجهها العالم حالياً، فإن كأس العالم هذه تكتسي أهمية كبيرة أكثر من أي وقت مضى. عشنا أوقاتاً صعبة في السنوات الأخيرة، لكن عندما تنظر إلى ما حققناه، فإن الأمر كان يستحق كل ثانية. لا شيء يستحق العناء، يتحقق بسهولة.
ما هي بعض هذه الاستعدادات؟ ما هي النقطة المضيئة بالنسبة إلى اللجنة العليا؟
من أكثر الجوانب التي نالت رضانا هي الوعود التي قدمنا لدى تقديم ملفنا والتي نفذناها. لقد وقفنا أمام العالم ووعدنا بأن البطولة ستترك إرثاً حقيقياً وهذا ما يحصل بالفعل. لقد وفينا بوعودنا فيما يتعلق بالاستادات أولا وقبل كل شيء. خمسة أو ستة استادات هي قيد الإنشاء حالياً وهناك المزيد في الطريق. نحن نسير على الطريق الصحيح فيما يتعلق بهذه الاستادات وسعداء بالتقدم الحاصل.
الأمر لا يتعلق بالاستادات فقط فنحن ندرك تماماً بأن استضافة كأس العالم تمنحنا فرصة المساهمة في الإرث الإجتماعي في قطر. وضعنا هدفاً واضحاً هو المساهمة في دفع عجلة تنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030. الأسس من أجل تحقيق ذلك قد وضعت من خلال برامج استرتيجية صممت خصيصاً لكي تستفيد منها شعوب هذه المنطقة.
أطلقنا برنامج تحدي 22 خلال العام الحالي، وهي مبادرة تركز على ألمع العقول في المنطقة. وهي مسابقة تسمح للمستثمرين الصغار وأصحاب الإبتكارات برؤية أفكارهم تبصر النور كجزء من كأس العالم 2022. هذه المبادرة ستستمر وستنمو أكثر وأكثر.
نستمر أيضاً في دعم معهد جسور، وهو برنامج تعليمي بالشراكة مع أفضل الجامعات العالمية وخبراء صناعة الرياضة من أجل تقديم برنامج تعليمي يساهم في صناعة الرياضة في قطر. بدأنا بدعوة الطلاب من مختلف أنحاء العالم للإنخراط في دورات تدريبية في الدوحة ومؤخراً وسعنا النطاق من خلال إقامة أول دورة في الأردن. إنه برنامج مذهل يقوم بتثقيف ليس الأشخاص الذين سيساهمون في تنظيم كأس العالم 2022 فحسب، بل سيبقى إرثاً قادراً على تنظيم أحداث أخرى في المستقبل.
لقد بنينا على نجاحنا في برنامج الجيل المبهر وهو أحد أهم برامج المسؤولية المجتمعية حيث يستخدم هذا البرنامج قوة كرة القدم لتقديم تغييرات في الأجيال في دول ومجتمعات هي في أمَس الحاجة إليها. من الأردن إلى باكستان ونيبال، نسعى لإحداث الفرق من خلال مبادرات معينة مثل إنشاء استادات كرة قدم أو إقامة ندوات تدريبية في المجتمعات. أعتقد بأننا حققنا النجاح في هذا المجال.
واجهت قطر واللجنة العليا انتقادات في ما يتعلق بقضية العمال؟ هل أنت مرتاح إلى أن الأطراف المعنية تقوم بأقصى جهد لها من أجل الإسراع في إيجاد الحل لهذه المعضلة؟
تقوم كل من اللجنة العليا والحكومة باتخاذ الخطوات الصحيحة من أجل تقديم حل دائم للتحديات التي تواجهها قطر. لا أحد في قطر ينفي بأن هذه التحديات موجودة، لكن يجب أن يتم منحنا الوقت الكافي من أجل إيجاد الحلول في دولة كانت قبل عقدين من الزمن مفلسة. النمو الاقتصادي غير المسبوق الذي حصل منذ تلك الفترة، منح قطر فرصة ضخمة لكن أيضاً وضع على عاتقها مسؤوليات كبيرة. أظهرت الحكومة التزامها من خلال الإعلان عن الإصلاحات العمالية، وهذا يؤكد التصميم لديها على استغلال هذه البطولة كمحفز للتطور الاجتماعي. هذه الإصلاحات قد لا تأتي بالسرعة المرجوة بالنسبة إلى البعض، لكن تركزينا هو على التغيير المستدام. ستكون هناك الكثير من الضجة حول كيفية تطبيق هذه التغييرات، لكن قطر مصممة على التطور.
لكن الناس تستمر في التشكيك في إجراءات السلامة زاعمين بأن العمال يفقدون حياتهم في استادات كأس العالم. ماذا تقول في ذلك؟
بكل بساطة هذا الأمر ليس صحيحاً. فخلال أكثر من 10 ملايين ساعة عمل لم تشهد اللجنة العليا أي حالة وفاة في مكان الأعمال. معايير السلامة التي نعتمدها للعمال تؤمن أعلى معايير الصحة والسلامة في مختلف ملاعبنا. إن العناية بعمالنا تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة إلينا ونحن لا نساوم على الإطلاق بمعاييرنا العالية. وكنت أود كانت وسائل الإعلام تشير إلى ذلك بدلاً عن نقل مزاعم مغلوطة.
من الصعب الحديث عن كأس العالم من دون التطرق إلى فيفا. هل الشك الذي يرافق فيفا يقلقكم؟ هل أنتم قلقون من إمكانية فقدان قطر لكأس العالم؟
لا بكل تأكيد. ما يحصل في فيفا هو أمر منفصل تماماً عن أحقية قطر باستضافة كأس العالم وهو أمر بدأ الناس يلمسونه. اللجنة العليا شأنها في ذلك شأن عشاق كرة القدم إلى جانب اللاعبين والأندية حول العالم مصممين على العمل نحو لعبة تلعب بروح رياضية وبطريقة شفافة ونحن نرحب بالإصلاحات التي يقرها فيفا.
ما هو مدى التغيير والمشاركة في مختلف أنحاء البلاد بعد نيل شرف تنظيم كأس العالم قبل خمس سنوات؟
لطالما كانت شعوب منطقة الشرق الأوسط مجنونة بكرة القدم. على الرغم من الاعتقاد السائد، فنحن نملك تاريخاً ثرياً في كرة القدم. فمنذ فوز ملفنا، ما بدا واضحاً هو التركيز على منتخبنا الوطني وعملية التطور لدى جيل الشباب. نستطيع رؤية ذلك من خلال إحراز منتخب تحت 19 سنة لباكورة ألقابه في آسيا في هذه الفئة العمرية، بالإضافة إلى تتويج الفريق الأول بكأس الخليج عام 2014 في السعودية. التركيز ليس محصوراً فقط على لاعبي النخبة. لا يستطيع كل لاعب أن يفرض نفسه على أعلى المستويات، وبالتالي كان تركيزنا أيضاً على تطوير البنى التحتية لكرة القدم للجذور في البلاد. أبرز مثال على ذلك عدد المدارس الكروية التي أنشأت خصيصاً للأطفال في قطر.
أما أبرز ما نفخر به فهو إطلاق الدوري القطري للهواة وهي مبادرة تضمنها ملف الترشيح. دوري الهواة أصبح الآن في عامه الثالث، وهي بطولة تسمح لهواة كرة القدم بممارسة هذه اللعبة في أجواء احترافية. يتدربون ويلعبون في ملاعب دوري نجوم قطر وقد حقق هذا الدوري نجاحات ضخمة. كما ندعم كأس العمال وهي بطولة تمنح الفرصة ذاتها للعمال من خلال ممارستهم للعبة في أجواء احترافية. إذا أضفنا دوريات المدارس والجامعات نلمس بأن المشاركة في قطر ضخمة وستزداد نمواً.
هل تقلق من أن السلبية التي تطوق قطر وكأس العالم ستؤدي إلى تأزيم العلاقات مع جيرانكم الذين قد يزعجهم تمدد تسليط الضوء إليهم؟
كلا على الإطلاق. في الواقع أنا أرى عكس ذلك. إذا نظرت إلى تعليقات دول مجلس التعاون الخليجي في الأيام الأخيرة تلمس مدى المساندة التي تلقاها قطر من الدول الخليجية الأخرى. إن مجلس التعاون الخليجي كان واضحاً في دعمه لقطر في مناسبات عدة وبالتالي فإن بيانه الصادر الأسبوع الماضي لم يكن مفاجئاً على الإطلاق. لقد عزز حقيقة راسخة بأن كأس العالم هي لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها وليس فقط لقطر.
مضت خمس سنوات على نيل شرف تنظيم كأس العالم. ماذا تحمل السنوات الخمس المقبلة؟
نحن نفكر في السنوات السبع المقبلة وليس فقط السنوات الخمس المقبلة. لقد أنجزنا الكثير منذ عام 2010 لكن العمل الشاق بدأ منذ الفوز. نأمل من خلال إظهار الرغبة ذاتها والتصميم ذاته من جميع العاملين والشركاء في السنوات السبع المقبلة، لتقديم بطولة مبهرة تترك إرثا تفخر به الدولة بأكملها.